جاذبية القبيلة والانتخابات

البداوة منشؤها الرغبة أو الرضا في العيش حياة بسيطة وطبيعية خالية من مظاهر المدنية وقيودها. حياة ليس فيها التزامات ولا حدود، بل انطلاق حر وتحرك واسع، تجعل العيش في مناطق نائية وقاسية، مثل الصحاري أو الغابات الكثيفة أو المرتفعات الجبلية، أمرا مقبولا، لا بل جميلا، لدى الكثير.

مع نشوء المدن على أطراف مختلف الصحاري، وحاجتها للأيدي العاملة، بدأت المدنية تجذب ابن الصحراء لها وتغريه بمباهجها وملذاتها، فاضطر بعد قرون طويلة من الحرية المطلقة، للخضوع لمتطلبات المدينة، وتناسى دور القبيلة في حياته، التي سبق أن لجأ لها في مرحلة ما بسبب غياب سلطة الدولة، وحاجته للاحتماء بجسم أكبر وأقوى. ومع الوقت بدأت البداوة تختفي والقبلية تضمحل، مع تزايد تخلي الكثير عن الانتماء لها، قولا وتسمية، خاصة أن الغالبية لم تكن تربطها بها صلة دم، بل حاجة ومنفعة.

وفجأة اكتشفت جهات أنه من الأفضل العودة والانتماء للقبيلة، اسما على الأقل، والاستفادة سياسيا من «عصبية الانتماء» لها، وهكذا بدأنا نرى تغيرا جذريا في مخرجات الانتخابات في المناطق الخارجية، حيث تمت إزاحة أبناء مدنها، الأكثر قدما، لمصلحة أبناء القبيلة، الأكثر عددا، مع تزايد أعداد الحاصلين الجدد على جنسية الدولة . وكان للحكومة الدور الأكبر في تعزيز هذه العودة، من خلال ما منحته لشيوخها، الذين أصبحوا «أمراء» تاليا من دور محوري في ضمان الوظيفة المرموقة لهم مع الترقيات السريعة، وغيرها مزايا، مادية غالبا. فشعر المواطن، القبلي السابق، أنه من الأجدر والأكثر فائدة العودة له والانتماء للانتماء لجماعته، الذين اصبحوا، عزوته.

وبالتالي يمكن القول، بكل ثقة، أنه ليس في الكويت بداوة، بحكم المنطق والواقع، ويجب ألا تكون هناك بالتالي قبلية، بالمعنى المفهوم، ولكن أعيد «بعثها» لخدمة مصالح البعض الآنية، ثم أصبحت، مع الوقت، ومع انتهاء مصلحة من خلقها، بوفاته غالبا، تمثل وضعا سياسيا واجتماعيا طاغيا لا يمكن أن يضمحل بغير سحب الامتيازات، الخفية غالبا، التي تتمتع بها!
***
يرغب الكثير السكن في مناطق سكنية محددة لما تتمتع به تلك المناطق من «سمعة» خدمية وما يمثله السكن فيها من وجاهة اجتماعية أو سياسية، مقارنة بغيرها، على الرغم من أن ثمن العقار فيها يبلغ أضعاف غيرها، ولا يعود ذلك للغابات التي تحيط بهذه المناطق، ولا البحيرات التي تطل عليها، بل لما تتمتع به من مزايا يمكن، ببضعة قرارات حكومية، إزالتها، وجعل المنطقة طاردة، وغير مرغوب السكن فيها!

وبالتالي فإن الكثير من الأمور أو المظاهر السلبية، وطبعا الإيجابية، تقع مفاتيحها بيد الحكومة، التي تهيمن على مصالح الدولة، وترسم سياساتها العامة، ومن بيده تغيير جاذبية منطقة سكنية ما، وقلبها رأسا على عقب، بيده أيضا تغيير جاذبية القبيلة أو الطائفة.
***
ملاحظة: آخر تغريداتنا، قبيل إدلاء المواطن بصوته:

منذ ما يقارب ١٧ عاما وقوى الفساد و«خفافيش الحقد» تحارب مرزوق الغانم، وتسعى لإسقاطه! لكنها فشلت طوال تلك الأعوام في أن تأتي بدليل واحد يثبت صحة ما تدعيه تلك القوى مما يشاع حوله، أو عن سوء إدارته أو ضعف أدائه.

ثقتي به مستمدة من حقيقة سوء وخراب من يعاديه!

الكلام أعلاه ينطبق أيضاً على المرشح الآخر أحمد الفضل.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top