كلام للتاريخ 2/2
صمد المدافعون عن القصر، بالرغم من معاناتهم وشح الطعام والماء. وعندما أشرقت عليهم شمس اليوم الثاني، وكادوا أن يستسلموا، وصلهم خبر اقتراب طلائع النجدة من الكويت، فرفع هذا من معنوياتهم! وهنا ارسل الدويش ثانية يعرض الصلح على الشيخ سالم، عارضا شروطا أقل حدة، فتظاهر الشيخ سالم بقبولها، شريطة انسحاب الإخوان من محيط القصر والقرية، فرحل هؤلاء باتجاه الصبيحية في يوم 12 أكتوبر، وعندما تأكد الشيخ من إنسحابهم، رفض شروطهم. ولكن قوات إضافية وصلت للإخوان، وكادت أن تحدث مجزرة، وهنا طلب الشيخ سالم مساعدة بريطانيا، التي تدخلت بالفعل لصالحه، وقاموا بتسليم "جفران الفغم"، موفد الدويش، تهديدا صريحا ومكتوبا، بأن أي هجوم تتعرض له الكويت سيدفعون ثمنه، كما ألقيت نسخ من رسالة التهديد تلك بالطائرات الحربية فوق مضارب الإخوان. وهنا قام "جفران الفغم"، بإرسال النص التالي لابن سعود:
من جفران الفغم إلى عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل سلمه الله وهداه. أحببت أن أخبرك بمخاطبتي للإنجليزي (يقصد الميجور مور)، جئت مثلما أخبرك الإخوان أنهم مرسلون إليهم وبعدما جئتهم أبرقوا لحاكم بغداد ، بواسطة التيل ( يقصد التلغراف) وأبقوني عندهم إلى أن يأتي الرد ثم جاء الأنجليزي ومعه ثلاث مراكب وطيروا للإخوان. وليلة الطيارة جاية للإخوان واذا ببرقية قادمة من البحرين تقول فيها ان ابن سعود جمع عشائره عند الأحساء والقطيف وهجم على الكويت. واستلحقني الأنجليزي صباحًا وجئت إليه انا وأخواني سبعة وإذا سالم بن صباح وهلال المطيري عنده عند الإنجليزي فقالوا لي وش علمكم؟ هل أنتم آتون بأمركم أو بأمر ابن سعود؟ وابن سعود شريف ما يأمركم بهذا الامر. فقلت له ابن سعود أمرنا على البادية اللي نفرت وهم ابن حلاف والمريخي وابن ماجد عصوا وخرجوا من بلاد ابن سعود ثم عادوا وغزوا رعايا ابن سعود وقد أمرنا ابن سعود ان نغزوهم وقال لنا جمشة (أي بلدة) الكويت لا تقربوها وفي الصباح غزوناهم في الجهرة وأمر الله عليهم بالذي امر ولكن لقينا ابن صباح عندهم فرجعنا على الصبيحية وراجعنا ابن سعود ان قال لنا امشوا على الكويت مشينا وان قال ارجعوا عنه رجعنا أما حريم ابن طواله فقد ادخلوهن الكويت واسكنوهن في عشاش وانت سالم والسلام. ******* وانتهت الأزمة بوصول بارجتين وطائرتين حربيتين بريطانيين للكويت. فعرف الإخوان صعوبة الوضع، وانسحبوا نهائيا. بعدها بفترة قصيرة تدخل حاكم المحمرة، الشيخ خزعل بن مرداو، وعرض إرسال وفد للصلح بين الكويت والرياض، وتكون الوفد من الشيخ أحمد الجابر، ولي عهد الكويت آنذاك، وكاسب ابن الشيخ خزعل، وعبد اللطيف باشا المنديل وعبد العزيز البدر، وقابلوا سلطان نجد "عبد العزيز بن سعود"، وتم الاتفاق على الصلح، ولكن قبل مغادرة الوفد للرياض، بلغ مسامعهم وفاة أمير الكويت الشيخ سالم، فارتاح "ابن سعود" الخبر، وقال للشيخ أحمد: أما الآن، حيث صار الأمر لك، فلا أرى من حاجة إلى شروط أو تحفظات، فأنا لك سيف مسلول اضرب بي من شئت، وأنت أولى بالقبائل التي تحت أمري ولك أن تؤدب من تشاء إذا ما بدر منها اعتداء على أحد رعاياك. أما حدود الكويت فأنها ستمتد إلى أسوار الرياض ولا أقبل أن تكون هي ما قطعنا بها آنفًا ولك على هذا عهد الله وميثاقه. وقام ابن سعود بعدها بتمزيق المعاهدة التي سبق وان تم الاتفاق عليها. أحمد الصراف