الفلبينية.. «أباغنيل» الكويت

يعتبر الأمريكي فرانك أباغنيل أكبر مزوِّر في التاريخ الحديث، حيَّر أجهزة الأمن والتحقيقات الفدرالية، في أمريكا ودول أوروبية عدة لسنوات طويلة، ودوَّخ أجهزتها، وهو لا يزال في سن المراهقة، ولطرافة قصته أنتجت هوليوود فيلماً بعنوان «أوقفني إن استطعت catch me if you can»، عن حياته، حصل على العديد من الجوائز لما تضمن من أحداث مثيرة وطريفة.

ولد أباغنيل لأب أمريكي وأم فرنسية، ودرس في مدرسة كاثوليكية صارمة في برونكسفيل بولاية نيويورك، وبدأ بالنصب وهو في السادسة عشرة، وكان لانفصال والديه دور في انحرافه، فقد تحايل على والده وتمكن من سلبه 3400 دولار، باستخدام بطاقته المصرفية في شراء قطع غيار وهمية. ونجح في مرحلة تالية في إقناع شركة الطيران الشهيرة، في حينها، «بان أميريكانز»، وهو في العمر نفسه، بأنه طيار، وسافر لمسافة 1.6 مليون كم، زار خلالها 66 بلداً، دون دفع دولار، من خلال الادعاء أن مهمته إحضار طائرة من مطار آخر، وكان ينام ويأكل في أفخر الفنادق مع تحمل الشركة كل مصاريفه. هرب بعد أن تبين أن أمره قد انكشف للشركة. حصل على وظيفة طبيب أطفال في مستشفى شهير بولاية أخرى، بمساعدة صديقه الطبيب، الذي كان يقاسمه الشقة. كما عمل محامياً، بعد نجاحه في تزوير شهادة حقوق من هارفارد، ووصل لمنصب مدعٍ عام ولاية لويزيانا، في سن 19.

اعتقل أباغنيل لأول مرة في فرنسا في 1969 عندما كان يعمل في شركة الخطوط الفرنسية، وسجن لستة أشهر، وسلمته للسويد إلا أن محاميه هناك أسقط التهمة عنه، فسلمته السويد لأمريكا، وفي الطائرة نجح في الهرب عن طريق خلع كرسي الحمام، وقرر جمع مدخراته والهرب للبرازيل، عن طريق كندا، لكن قبض عليه في مونتريال وسلم لأمريكا، ونجح ثانية، عام 1971 في الهرب من السجن.

بعد محاولات عدة، واحتيال متنوع قُبض عليه، وحصل على حكم بالسجن لـ12 عاماً، وبعد سبع سنوات أطلق سراحه، مقابل أن يساعد مع السلطات الفدرالية، من دون أجر، في كشف جرائم الاحتيال.

جرّب أباغنيل العمل بمهن متعددة كالطبخ والبقالة وتشغيل الأفلام، لكنه فشل فيها نظراً لماضيه الإجرامي. لكن مدير بنك، اقتنع بمواهبه، قبل بتوظيفه ليساعده في كشف حيل التزوير، وهكذا بدأت حياته كمستشار أمني.

في عام 2015 سمي أباغنيل سفيراً لمراقبة الغش في المنظمة الأمريكية للمتقاعدين، حيث كان يعلّم العملاء، عبر برامج الإنترنت والمنتديات الاجتماعية، طرق حماية أنفسهم من سرقة الهوية والجرائم الإلكترونية.

وفي عام 2018 بدأ بتقديم برنامج إذاعي بعنوان «الاحتيال الكامل» الذي يتحدث عن المحتالين وطبيعة عملهم.

يعيش أباغنيل حالياً في جزيرة دانيال مع زوجته كيلي، وأبنائهما الثلاثة.
* * *
مناسبة الكتابة عن هذا المحتال تعود «لنجاح» عاملة منزل فلبينية في الاختباء والاختفاء عن عيون كل أجهزة الدولة لأكثر من 31 عاماً، بعد هربها من منزل كفيلها عام ١٩٩٣، وتم ضبطها أخيراً.. مصادفةً!

دعت المواطنة التي روت قصتها إلى أن تقوم السلطات بتشكيل لجان وتكوين قاعدة معلومات تساعد من إفادات العاملة، لتساعد قوات الأمن في معرفة كيفية نجاح الكثيرين في التخفي، وكأنهم أشباح، في بلد صغير كالكويت. فكيف عاشت من دون هوية، أو بهويات مزوَّرة، ومن كان يوفر الحماية لها، وكيف كانت تراجع المستشفيات، وكيف دبرت أمورها خلال سنتَي الكورونا، وأين كانت تعيش وتعمل؟ وهل ارتكبت جرائم مثلاً؟

أباغنيل الكويت بحاجة للدراسة، وربما صنع تمثال صغير لها.

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top