حياة الكاتب الشخصية
هل يمكن أو يفترض الفصل بين حياة الشخصية العامة وبين افعاله وأقواله؟ سؤال محير طالما حظي باهتمام الكثيرين، ففي الوقت الذي تجتذب فيه أعمال المشاهير، خصوصاً الممثلين والمطربين، انتباه قطاع واسع، إلا أن أخبار فضائحهم وحياتهم الشخصية وحتى ديكورات منازلهم وأنواع كلابهم، تحظى بقدر أكبر من الاهتمام. وبالتالي يصعب وضع خط فاصل بين الخاص والعام. ولكن تصبح المسألة أكثر تعقيدا مع رجال الفكر وكتاب الرأي والدعاة والمصلحين الاجتماعيين وحتى السياسيين، فيصعب القول هنا إن لكاتب الرأي أو السياسي أو الداعية الحق في فصل حياته الشخصية عن اقواله وتصرفاته، فهناك حد ادنى من المصداقية المطلوبة من هؤلاء، ولا يمكن بالتالي وصف ما يدلون به من آراء أو مواقف بأنها رائعة ومبدعة في الوقت الذي نعلم فيه جيدا كذبهم، أو أن حياتهم الشخصية مثيرة للاشمئزاز، أو على الأقل أن آراءهم التي يدعون إليها لا تتفق مع أسلوب حياتهم، والأمثلة في الصحافة المحلية أكثر من ان تعد، خاصة في ظل صعوبة امتلاك غالبية قراء أو متابعي هؤلاء للقدرة على التمييز بين الخبر الصحيح والرأي المدسوس! وبالتالي مطلوب من الكاتب أو الداعية وحتى السياسي حد أدنى من الالتزام بما ينشر أو يروج أو يدعو له. وقد فقد الكثيرون احترام المجتمع لهم واخرجوا من وظائفهم وزالت ثرواتهم وانهارت زيجاتهم نتيجة انكشاف التناقض الخطير بين أقوالهم وحياتهم الشخصية، ولكن حدث هذا غالبا في المجتمعات المتقدمة أو الأكثر تعليما، وليس بالضرورة في مجتمعاتنا المتخلفة، فقد صدر حكم قبل فترة قصيرة على داعية شهير لقيامه بسرقة نص كامل لكتاب ونسبته لنفسه، وحقق من وراء ذلك الملايين، وكان الحكم كفيلا بأن ينهي حياته كشخصية عامة وداعية ديني، ولكنه استمر في نشاطاته من دون أن يرف له جفن، معتمدا على أن مريديه وأتباعه لا يقرأون ما يكتب وينشر عن سرقاته وفضائحه، أو أنهم سرعان ما ينسون ما اثير عنه معتبرين ذلك بحكم الافتراء، أو أن الأمر لا يرقى لدرجة «السرقة» بالمعنى المعروف لديهم، وبالتالي لا يستوجب الأمر قطع اليد! وهنا يأتي دورنا في الاستمرار بكشف مثالب هؤلاء المفترين وأخطائهم. ففي شريط فيديو على اليوتيوب بعنوان «لو كنت عنه لتواريت عن الانظار» يظهر الداعية عايض القرني وهو يوجه الحديث للرئيس اليمني السابق علي صالح، نيابة عن وفد كبير رافقه في الزيارة، وهو يقول: أنا أنوب عن اخواني العلماء والمشايخ الذين زاروا اليمن ونبلغك التحية والشكر لما وجدناه من اكرام وحفاوة في بلد الإيمان والأمن (!).. واننا لا نزكيكم بأكثر مما زكاكم رسول الهدى عندما قال «الإيمان يماني والحكمة يمانية»!
ولكن ما ان ظهرت بوادر سقوط صالح وتعرضه لمحاولة اغتيال حتى قام الداعية نفسه بإلقاء خطاب مقذع تهجم فيه بشكل مقزز على صالح وكيف أن نار جهنم حرقت وجهه عقابا له! الطريف أن من أرسل رابط اليوتيوب ذكر بأنه لو كان مكان القرني لتوارى عن الانظار! ونسي أن أمثال هؤلاء لا يغادرون بمثل هذه السهولة فحجم الغنيمة كبير وحجم الجهل أكبر!
***
رابط الخطبتين
http://www.youtube.com/watch?v=xan0dztpyoc&feature=player_embedded