مؤامرة صلاح ووفاة سمير

يقول الزميل صلاح محسن لا توجد مؤامرة من دون توافر عناصرها، وقد يكون الضحية هو من وفرها، ويعني بذلك أن الحياة، بكل مستوياتها، لا تخلو من المؤامرات، ولكن علينا كأفراد ومؤسسات سد منافذ دخول المؤامرات، فهذه لا تأتي إلا عندما يكون المناخ في بلد، أو ظرف ما مهيئا ومشجعا لقيام المؤامرة. فلو امتلك شخص ثروة كبيرة وبدأ في تبذيرها، واستغل البعض الوضع لتحقيق أقصى المكاسب لأنفسهم من هذا التبذير فهل في الأمر مؤامرة، أم أن هؤلاء تآمروا على الضحية، أم أن سذاجة المبذر هي التي سهلت لهم ودفعتهم لمحاولة الاستفادة القصوى من الثروة الضائعة؟ فنحن جميعا نعيش في عالم يخلو من المثالية، وإن لم يتم استغلال سذاجة هذا الشخص من جهة فسيتعرض للاستغلال، وليس للمؤامرة، من جهة أخرى، وبالتالي نحن مطالبون جميعا بنشر الوعي والتوعية، وإنشاء المؤسسات غير الربحية التي تعنى بالمحرومين وقليلي الحظ، وأن تكون المناهج الدراسية متماشية مع التطور والعصر، ولا تتكلم عن «عادات وتقاليد» أهل الكهف، فعالمنا اليوم لا يرحم الجاهل الفاقد للمعلومة الحديثة! ولو نظرنا للشعوب التي تشتكي من وجود مؤامرات عليها لوجدنا أن نسبة التعليم فيها متدنية، ويسود أفرادها جهل كبير، والدليل على ذلك ان الحديث عن وجود مؤامرة في دولة كالنرويج، على الرغم من ثرائها وامتلاكها لمخزون نفطي هائل، أمر غير وارد، فلم لم تتآمر عليها بريطانيا مثلا وتسلبها ثرواتها، وهي التي لا تبعد عنها غير بضع مئات من الأميال، ولماذا تبحر جحافلها لآلاف الأميال لتتآمر على دولنا وتسلبنا خيراتنا ونفطنا؟ الجواب البسيط هو جهلنا وغباؤنا، وليس تآمر الآخرين علينا! وفي السياق نفسه يقول صديقي السوري إن ما يحدث في وطنه هو نوع من المؤامرة، وعندما سألته إن كان بقاء أسرة واحدة في الحكم لأكثر من 40 سنة مؤامرة أم لا رفض الإجابة. والطريف أن تنظيم الإخوان المسلمين كان دائم الشكوى من وجود مؤامرة غربية ضدهم تمنع وصولهم الى الحكم! وحيث انهم وصلوا للحكم، أو كادوا في أكثر من دولة عربية، فهل هناك مؤامرة غربية لإيصالهم للحكم؟ وهل سيعترفون بأنهم قبلوا بالتآمر عليهم ليصلوا الى الحكم؟ وكيف يصبح حرمانهم من الحكم مؤامرة وإيصالهم للحكم تعاونا وقبولا؟
***
• ملاحظة: في خضم كل هذا الشحن الطائفي الذي تعيشه البلاد، أتمنى على شيوخ الأسرة والنواب والوزراء، ورجال دين كل الطوائف والجميع المشاركة في تقديم واجب العزاء لأسرة رجل الأعمال، المرحوم سمير سعيد، الذي طالما أمتعنا بفنه الرفيع وخلقه العالي، وهي فرصة لنثبت للكل أن وحدتنا الوطنية فوق كل اعتبار، وأن نبيّن لوالدته ان حياة وحيدها، فلذة كبدها، لن تضيع سدى.

الارشيف

Back to Top