تكلفة التعليم.. والكارثة (2-1)
يقال: لكي تعرف تكلفة التعليم.. جرب الجهل!
تطرق الزميل محمد العجيري، رئيس «كونا» السابق، في مقال نشر في «الطليعة» لمشكلة التعليم في الكويت، معلقا على تحقيق القبس الذي بين عدم رضا %85 من المواطنين عن الخدمة التعليمية، وأن نتيجة الاستفتاء كانت حتمية بسبب تراكمات وتخبُّط إدارات متعاقبة فشلت في تطوير التعليم، بما تقتضيه روح العصر، على الرغم من توافر الكوادر والإمكانات المالية لدينا، بل إنها سلكت طريق تسييس التعليم، وإقصاء المخالفين وتقريب المريدين، بغض النظر عن مستواهم الفني، فتحوَّلت وزارة التربية إلى مرتع لقوى الإسلام السياسي. وقال إن تأثير هذه الجماعات مترسخ وظاهر بوضوح لمن يريد، فمحتوى المناهج اعتمد على أسلوب ضخ أفكار معينة ومدروسة لتوجيه النشء لاعتناق أيديولوجيات سياسية تحت غطاء تعليمي ظاهره ديني. فالفكر الذي تم الترويج له ذو اتجاه عقائدي محدد، يهدف إلى بناء جيل مهيأ وبطريقة ممنهجة لتبني هذا الفكر الديني الإقصائي. والخطير في الأمر أنه تمت، وبطريقة متقنة، محاربة الفكر الحر المنفتح الذي يرتكز على قبول الآخر، مهما اختلف معك فكريا. ومن تعوَّد منا فتح حوارات مع أبنائه، يجد أنهم يعودون من المدرسة بأفكار غريبة ومقلقة، فهم إما مرتبكون من معلومة تتناقض مع العقل وطريقة التفكير المنطقي، وإما أنهم يتحدثون بمنطق يجعلهم يزدرون عقيدة الآخر، وبالتالي تأخذهم الحيرة، وتتغيَّر نظرتهم إلى أصدقائهم المقربين، لأنهم على مذهب مخالف.
وحينما تحاول استيضاح الأمر، تجد هذا الفكر موجودا في كتاب الدين، أو ان المعلم ذكره خلال شرحه لدرس معين، وقد يكون غير مادة الدين!
وإذا تصفحنا محتوى الكتب المدرسية، نجد المقرر ممتلئا بالغيبيات التي لا تدع مجالا لإعمال الفكر والعقل وتنمية روح البحث والنقد، وإطلاق وتحفيز الطاقات الإبداعية للطلاب.
فعملية التلقين البائس واجترار المحتوى الإنشائي للكتب تربي جيلا من الخاملين فكريا ممن لا يمكن التعويل عليهم في عملية النهوض بالمجتمع.
وإلى مقال الغد.