سنة المجلس والإساءة للتاريخ
ورد في مقال زميلتنا أو زميلنا «الكويتي» في 2/20 التالي: لتستمر احتفالاتكم العام تلو الآخر، ولكن هل كل الذين ينشدون باسم الكويت ويتغنون بها يعرفونها، وهل كتب تاريخ الكويت بشكل كاف، متخصص ومنهجي؟ وهل الاكتفاء بتسجيل الأحداث والشخوص يعطينا تاريخا، أم أن التاريخ يكون بتجميع الصور الشخصية والوثائق في كتاب؟ وقد لفتت هذه التساؤلات نظري، وإلى ما يقوم به بعض «الأكاديميين» من محاولات لـ «مط» بداية نشأة الكويت لبضع سنوات، وكأنها ستضع حدا بين حقنا في الوجود من عدمه، متناسين أن دولا كثيرة تفوقنا قوة ومنعة ولحمة وأفضل منا بكثير، مثل سنغافورة، وغيرها، والتي لا يتجاوز تاريخها وكل وجودها المائة عام، أصبحت بالرغم من ذلك واحدة من أفضل اقتصاديات العالم، وأكثرها استقرارا بفضل ديموقراطيتها واستقامة أنظمتها الإدارية والقضائية والسياسية ونظافتها، علما بأن شعبها يتكون من ثلاثة أعراق متنوعة في دياناتها ولغاتها وثقافاتها، فبينهم هنود هندوس، وصينيون بوذيون، أو لا دينيون، وملاويون مسلمون! وبالتالي العبرة ليست بطول تاريخ بلد ما وعرضه، بل بما يمثله للعالم من اتحاد ومنعة وكرامة، ومدى تمتع مواطنيه بالحرية والكرامة وبخيرات وطنهم، ومشاركتهم في الحراك الإنساني العالمي.
نعود لمقدمة المقال ونقول ان جهود غالبية المهتمين بتاريخ الكويت، وأكثرهم يعتبرون انفسهم معنيين بالأمر بحكم القدر، تجنبوا، لأسباب معروفة، التطرق بإسهاب لفترة مهمة، بالرغم من قصرها، وهي فترة تأسيس أول مجلس أمة تشريعي في الكويت، والتي لم تستمر لأكثر من ستة أشهر، أكتوبر 1938 - مارس 1939 (2 جمادى الأولى 1357 - 25 شوال 1357)، بعد قرار الشيخ أحمد الجابر، حاكم الكويت وقتها، حل المجلس! ويعتبر الكتيب الذي أصدره المرحوم خالد سليمان العدساني، سكرتير ذلك المجلس، عام 1947 بعنوان «نصف عام للحكم النيابي في الكويت» المصدر الأكثر دقة لوصف تلك المرحلة، وما صاحب تأسيس المجلس من أحداث جسام. كما تطرق فيه للظروف التي دفعت الشيخ أحمد الجابر لحل المجلس، الذي كان يرأسه الشيخ عبدالله السالم. يتكون الكتيب من 50 صفحة تقريبا، وطبع عام 1978 في مطابع «فهد المرزوق الصحفية»، وتصدره الإهداء المميز التالي: مولاي صاحب السمو أحمد الجابر الصباح. في عهدك السعيد المجيد بدأت هذا الإنشاء الرائع الفريد، فلئن حالت دون اتمامه الظروف، فلقد اقترن على كل حال جلا ذكره بجلال اسمك، واتسعت لمداه بوادر طيبة من رحابة صدرك وسعة حلمك فإذا نظرت إليه نظرة العطف والرضا وجدت انه بهما يقين. كما يوجد كتاب آخر ينسب للشخصية نفسها بعنوان «مذكرات خالد سليمان العدساني»، ومكون من 141 صفحة ويحتوي على تفاصيل اكثر عن تلك المرحلة، ومراجعتي لوزارة الإعلام بينت أنه غير مدرج ضمن قوائم المنع. ومساهمة منا في اماطة اللثام عن جزء مهم من تاريخ الكويت، بالرغم من تعرض بعض مواد المذكرات بالنقد الشديد لمواقف البعض ولجماعة انتمي لها، وليس في ذلك ما يسيئني شخصيا طالما أنه جزء من تاريخ وطني، فإنني أعرض إرسال النصين بالإنترنت لمن يرغب.