الغريب
تتطلب شروط وزارة الأشغال وجود طرف أجنبي عند تصميم أي مشروع كبير، وإشراف تلك الجهة على تنفيذه، ويهون الأمر، إلى حد ما، إن كان الاشتراط مقتصرا على البيوت الهندسية الأميركية أو الأوروبية العملاقة، ولكن القرار يتعلق فقط بــ«جهة أجنبية»، حتى ولو كانت أقل قدرة وحرفية من البيوت الاستشارية الهندسية المحلية، وكأن في الأمر نية مبيتة لاستبعاد الأخيرة. وقد تسبب هذا الشرط المجحف في خسائر أطراف عدة، منها المال العام والاقتصاد المحلي، لمئات ملايين الدنانير، فتكليف مكتب استشاري أجنبي بدراسة وتصميم والإشراف على عقد إنشائي كبير لا يؤدي عادة الى خلق وظائف جديدة، حيث يقوم المكتب عادة بتصميم المشروع في مكاتبه في الخارج! كما انه غير مطلوب منه نسبة عمالة، وينتهي دوره بانتهاء المشروع، من دون مردود فني أو اقتصادي على البلاد! ومنذ ما بعد التحرير لم تقم الدولة بدعوة اي مكتب هندسي محلي للقيام بتصميم اي مشروع كبير، يحدث ذلك علىالرغم من بلوغ البعض منها مراتب مهنية عالية، وحصولها على جوائز تقديرية، وتجاوز الطواقم الفنية، من مهندسين وخبراء، للبعض منها إلى الآلاف، مع خبرات متراكمة تقارب نصف القرن، وليس في الرقمين اي مبالغة، ومع هذا تفضل وزارة الأشغال التعامل مع مكاتب من الهند او مصر، كمثال، مع الاحترام للدولتين، وبخبرات وإمكانات أقل بكثير من المحلية، فقط لأنها «أجنبية» حسب ما تتطلبه شروط المشاريع الكبيرة. ولو نظرنا الى وضع أحد هذه المكاتب، كــ «المهندس الكويتي»، على سبيل المثال، لوجدنا أنه يشرف على مشاريع هندسية بمليارات الدولارات في الخارج، وتم اختياره كأكبر استشاري في أكثر من دولة خليجية، ومع هذا لم تقم الوزارة، منذ عقدين تقريبا، بدعوته للمشاركة في تصميم اي مشروع كبير، ورغم ذلك يتعرض، وغيره من المكاتب الهندسية الكبيرة، الى شتى الضغوط للإسراع في عملية تكويت وظائفه، أي توظيف عدد أكبر من الكويتيين!
إن هذا الوضع مخجل، ولا يستند إلى أي مبرر غير حب الانتقام من البعض ربما، أو لاستمرار استفادة الوكلاء المحليين لبعض المكاتب الهندسية من الوضع، علما بأن القانون يمنع وجود وكيل لمكتب هندسي أجنبي!
على وزير الأشغال المعني أساساً بخطة التنمية تفعيل دور «لجنة الاستشاريين» في الوزارة، وإعادة النظر في قرار المنع لما سيكون له من مردود مادي ومعنوي ووطني كبير، هذا إذا كانت الحكومة جادة في تنفيذ خطة التنمية!