النواب السابقون وأضواء الشهرة
كانت على خشبة المسرح الإنجليزي القديم نقطة تشع فيها الشموع بصورة أكثر من غيرها، وكان الوهج يتزايد مع كل نقطة عصير من الليمون التي تُسقط عليها، وكان الممثلون يتنافسون على التواجد في تلك النقطة ليتعرف عليهم الجمهور أكثر، وكانت تسمى limelight the.
مشكلة اللايملايت أن من يعتاد على التواجد الدائم تحتها، في دائرة الأضواء والاهتمام، يصعب عليه تاليا قبول الخروج منها، وانحسار الأضواء عنه، ومن أمثال هؤلاء الفنانين والسياسيين وغيرهم من المشاهير. ونرى ذلك جليا في بعض سياسيينا الذين عادوا من تركيا مؤخرا، وبعض من صدرت بحقهم أحكام تمنع ترشحهم، أو من خسروا الانتخابات، نجدهم يحاولون جاهدين البقاء في دائرة الضوء، ولو كان باهتا أو حتى معتما، ولسان حال غالبيتهم يقول: «ارحموا عزيز قوم..»!
أحد هؤلاء نائب سابق صدر عليه حكم تمييز نهائي في مشكلة عائلية، فهاج وماج وغضب من الحكم وصرح وغرد بأنه كان حاضراً جلسة النطق بالحكم، وأنه فوجئ بوجود ثمانية أشخاص على منصة القضاء، خمسة قضاة وآخرين، سبعة منهم من جنسية عربية، وقاض كويتي واحد، ضمن القضاة الخمسة!
تناسى النائب السابق أنه كان مشرعا لسنوات طويلة بالفعل، فهل حاول يوما تغيير لوضع، علما بأنه وضع ليس بحديث؟
وهل سعى أو ساهم مع غيره من النواب لوضع تشريع يمنع تزايد عدد القضاة أو المستشارين غير الكويتيين، يوم كان نائبا، أم منعته مشاركته وتمام انشغاله بـ«حروب الأشقاء» وشراء الأسلحة وتجنيد المقاتلين، عن الاهتمام بقضايا وطنه، ومشاكل شعبه؟
والأهم من ذلك، هل كان السيد النائب السابق، لو كان الحكم في مصلحته، سيشطح وينطح ويهاجم وجود كل هذه العناصر غير الكويتية في المرفق القضائي؟ الجواب ببساطه «لا» كبيرة، وبالتالي المشكلة كانت في طبيعة الحكم وليس في طبيعة من أصدر الحكم!
***
كما وجدنا أن من عاد من السياسيين السابقين من منفاهم الاختياري، أو الإجباري، وأصبحوا خارج دائرة الضوء المشعة، انقسموا لفريقين! فريق احترم نفسه واختار الانزواء، إلى الأبد، أو مؤقتا إلى أن تتضح الرؤية. وفريق اختار البقاء تحت دائرة الضوء، ولو الباهت منه، فقط ليبقى ملء السمع والنظر، ولكن بصورة تدعو للأسى على ما وصل له حاله. فأحدهم اختار شطب كل تغريداته التي سبق أن طالب فيها برحيل «الرئيسين»، رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء! والآخر أصبح يبحث عن الأضواء، بعد أن كان «حبيب» وسائل الإعلام بتصريحاته النارية التي كان عادة ما يسبقها بـ«قسما بالله»، وأصبح الآن يبذل جهده ليظهر كل يوم تقريبا في فيديو، ويتكلم، على غير عادته بهدوء وتعقل، ويعطي النصائح في كيفية التصرف، وغير ذلك من دعوات لقبول الوضع الحالي، والانسجام معه!
***
انحسار الضوء عن الشخصية الشهيرة مسألة مؤلمة دفعت بعض من كانوا يوما من كبار المشاهير للاكتئاب الشديد، وفي بعض الحالات للانتحار، وهذا ما لا نتمناه لبعض سياسيينا...السابقين!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw