لا تدع الرجل العجوز يدخل عليك
التقى الصديقان «كلينت» و«بيرت» في الحافلة التي أقلتهما في طريق العودة لبلدتهما، بعد أن رفضتهما لجنة اختيار الممثلين في هوليوود!
جلس الاثنان صامتين واجمين لفترة وفجأة انفجر «بيرت» ضاحكا، غير قادر على تمالك نفسه، فسأله صديقه عن السبب، فقال: لقد رفضت اللجنة قبولي ممثلا بسبب سوء أدائي، وهذا يمكنني مع الوقت التغلب عليه! ولكن اللجنة رفضت قبولك ممثلا بسبب ضخامة «تفاحة آدم» لديك، فكيف ستقلل من حجمها؟
***
أصبح بعدها «بيرت رينولدز burt reynolds»، مواليد 1936، ممثلا شهيرا، وفاقه في الشهرة صديقه «كلينت إيستوود»، clint eastwood الذي ولد عام 1930 وأصبح مخرجا ومؤلف مقطوعات موسيقية لأفلام ناجحة، ومنتجا ومخرجا شهيرا، وحاز الأوسكار أربع مرات... مع وجود تفاحة آدم في رقبته!
***
في أحد الأيام، وبينما كان كلينت وصديقه الآخر، كاتب الأغاني الشهير، «توبي كيث»، يلعبان «الغولف»، جرى الحوار التالي بينهما:
كلينت: هل تعلم أنني قاربت التسعين من العمر؟
توبي: وما أنت فاعل الآن؟
كلينت: سأقوم بتصوير فيلم جديد في الأسبوع القادم.
توبي: ما الذي يدفعك لأن تستمر في العمل، وأنت بهذا العمر؟
كلينت: أقوم صباح كل يوم من فراشي، وأمنع الرجل العجوز من الدخول!
***
تأثر توبي من الإجابة البليغة والمختصرة، ولم يعلق، فالمعنى كان درسا بليغا من رجل تسعيني يمتلك كل شيء، ومع هذا رفض الاستسلام وانتظار أن يحل أجله، ولن يدع الرجل الكهل يدخل عليه، وهو يعني «الشيخوخة والموت»، وهو مدرك أنه آت لا محالة!
عاد «توبي» لبيته مساء ذلك اليوم، ووضع كلمات أغنية «لا تدع الرجل العجوز يدخل عليك» والتي أصبحت من أكثر أغانيه شهرة، ونصها:
لن أدع الرجل العجوز يدخل علي
لن أتركه بمفرده يقرر عني
إنه يطرق بابي
لقد عرفت طوال حياتي أن يومي سينتهي
ولكن لن أنتظره
انهض كل يوم وأخرج
فلن أدع الرجل العجوز يدخل علي
لقد عشت العديد من الأقمار
وأصبح جسدي متهالكا
اسأل نفسك كيف ستكون إذا كنت لا تعرف يوم ولادتك؟
حاول أن تحب زوجتك وأن تبقى على مقربة من أصدقائك
وأن تشرب نخب كل غروب.. لا تدع الرجل العجوز يدخل عليك.
***
وبمناسبة التقدم في العمر، يقول الشاعر السوري عصام العطار، الذي عاش طريدا ومهجرا في ألمانيا، وربما بسبب انتمائه لتنظيم يخالف نظام الحكم في وطنه، بعدما بلغ الثمانين:
وما الحياة سوى حلم ألم بنا قد مر كالحلم ساعات وأيام
هل عشت حقا يكاد الشك يغلبني أم كان ما عشته أضغاث أحلام
في مثل غمضة عين وانتباهتها قد أصبح الطفل شيخا ابيض الهام
يقارب الضعف خطوي إن قدرت على خطو ويقعدني أثقال أعوام
وخان عهدي بياني إذ دعوت به وخان عهدي أوراقي واقلامي
وخانني بصري والسمع ويحهما والجسم ناء بأثقال وآلام
لولا يقيني بربي لا شريك له لما حسبت حياتي غير أوهام.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw