قصة ماكو أوامر وفاتورة الهاتف
اتصلت المربية، وأنا في الخارج، تشكو انقطاع الانترنت. تم الطلب من الشركة، بصفة الاستعجال النظر في الأمر بسرعة، فقالوا بأن لذلك ثمنه!
تبيّن بعد فحص كامل الشبكة والتوصيلات التأكد من صلاحية كل شيء واستغربوا الخلل، وبعد عمل استغرق ثلاث ساعات، وكلفني 35 ديناراً، تبيّن أن هاتف البيت مفصول عن الخدمة!
كلفت في اليوم التالي من يقوم بمراجعة الوزارة، فقاد سيارته في زحمة المرور ووقف في الطابور، وتبيّن أن مبلغاً تافهاً لم يدفع منذ فترة، وعند السؤال عن سبب عدم إرسال إنذار بمختلف الوسائل التي تقع تحت يد هذه الوزارة بالذات، من «واتس أب» وغيره، وتوفير وقت وجهد عشرات آلاف المراجعين، رد الموظف بالرد نفسه الذي قاله الضابط العراقي في حرب فلسطين، عندما طلبوا منه المشاركة في الحرب: «ماكو أوامر»!
***
بدأت قصة «ماكو أوامر» بُعيد التحرير، عندما قرّر وزير المواصلات حينها انه حان الوقت لخصخصة بعض أنشطة الوزارة، وكانت البداية مع تكليف القطاع الخاص بطباعة وتوصيل الفواتير لأكثر من 500 ألف خط هاتف أرضي.
طرحت المناقصة، وكانت أغلبية الأسعار بحدود 1.2 مليون دينار، ولكن الوزير قرّر تلزيم العمل لمناقص جاهل عرض القيام بالمهمة مقابل 75 ألف دينار، وكان مبلغاً لا يكفي لشراء أجهزة طباعة، دع عنك طباعتها وتوصيلها لـ6 ملايين فاتورة سنوياً!
فشل المناقص وسحبت منه الكفالة المصرفية التي تقدم بها وبقي الحال على وضعه منذ ذلك اليوم!
تزامن مع كتابتي لهذا المقال ورود رسالة من صديق يخبرني بفصل الحرارة عن هاتف والده، الذي هو في أمسّ الحاجة إليه، علماً بأن والده لم يتخلّف يوماً عن سداد كل ما عليه للدولة.
يقول الصديق إنه «صدّق فكرة الحكومة الإلكترونية»، وقرّر دخول منصة «متى»، حيث حجز الموعد، وتوجّه للمقسم، فوجد البوابة مفتوحة «خري مري» للجميع، ولا حاجة لموعد، مع أن الازدحام في الداخل كان كثيفاً، وغالبية المراجعين حضروا، بإذلال مقصود، لدفع ما عليهم من اشتراكات!
أخذ مكانه في الطابور الطويل، وعندما وصل دوره، بعد طول انتظار، تبيّن أن على الهاتف مبلغ خمسة دنانير وتسعمئة وستين فلساً تكلفة ثلاث مكالمات دولية!
كلف قطع الحرارة عن هاتف الصديق وإعادة إيصالها وتحصيل المبلغ منه، وغير ذلك عشرات أضعاف ذلك المبلغ التافه، غير ضياع وقت المراجع وجهده. علماً بأن وزارة المواصلات بها جيش من الموظفين، في دولة هي الوحيدة التي لا توجد فيها خدمة بريدية «ربع جيدة»، ولولا الحاجة إلى الإنترنت لاكتفى الجميع بخدمات الهواتف النقالة، ولأغلقت الوزارة إدارة الهاتف، مع الاحتفاظ بآلاف الموظفين فيها، من دون عمل!
***
كلما سررنا لرؤية ضوء شمعة إصلاح يتيمة هنا، رأينا مقابلها لهب أفران قوى التخلّف والتراجع تحرق ما تبقى من آمالنا بوطن منفتح وسعيد ومتطور!
***
ملاحظة: تعليقاً على مقال يوم الجمعة عن «عفيف صافية»، أخبرني الصديق السفير سهيل شحيبر، بأن صافية بمواقفه من الكويت يعتبر بنظره عميلا لصدام وأضرّ بقضية وطنه ما يعتبر ذلك خيانة لقضية وطنه، عندما بذل جهدا استثنائيا في الدفاع عن احتلال صدام الحقير للكويت، بصفته ممثلا لعرفات في لندن. وأرشيف البي بي سي خير شاهد على تصدي شقيقه المرحوم يوسف له في أكثر من مناسبة!
أما موقف الثورة الفلسطينية من مسيحيي فلسطين فلا يزال بنظري في منتهى السوء!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw