حماماتنا والنظافة
كتب الزميل خالد القشطيني في «الشرق الأوسط» (12/20) ان هناك معايير عدة للحكم من خلالها على تقدم أو تخلف أمة ما. وقال كذلك ان «خبيرة مطاعم» اخبرته بان أفضل طريقة لمعرفة مستوى مطعم لم تأكل فيه من قبل، ليس في التمعن في ديكوراته وتفحص اثاثه أو قائمة طعامه وجمال موقعه، فهي أمور، على الرغم من أهميتها، لا تعني شيئاً ان كان «مرحاض» المطعم غير نظيف، وبالتالي عندما ترتاد مطعما عليك بالذهاب فورا للمرحاض وفحصه!
ويقول القشطيني انه يشعر بالأسف لوضع دورات المياه في مساجد بريطانيا، فهي في حالة رثة بشكل عام، وتعكس مستوى شعوبنا الاسلامية، فالجماعة يهتمون ويحرصون على ان تكون حمامات المساجد بعكس اتجاه الكعبة، ولكن ليس لمستوى نظافتها ومناسبتها للاستخدام من أهمية لديهم، علماً بان المسلمين يقولون ان دينهم يؤكد اكثر من أي دين آخر، على النظافة!
وأتذكر انني قبل سنوات كنت في رحلة من دبي الى بوسطن، عبر مطار فرانكفورت، وتصادف جلوسي بجانب مسافر ألماني يقصد وجهتي نفسها. وفي مطار فرانكفورت ذهبنا سويا للحمام، وكان هناك شخص «أوروبي» القسمات، على غير العادة، متقدم في السن، يقوم بمسح أرضية المرحاض، وكانت تبدو عليه علامات الضيق و«يتحلطم» بالألمانية، وهنا رأيت، في المرآة ابتسامة عريضة ترتسم على وجه رفيقي في السفر، وعندما خرجنا من الحمام، سألني ان كنت أود معرفة ما كان يقوله ذلك العامل، الذي تبين انه من ألمانيا الشرقية، فأجبت بنعم، فقال انه كان يدعو ربه ان يريحه من العمل في فترة الظهيرة، وهو وقت وصول طائرات عدة من الشرق الأوسط، لتصادف وصولها مع موعد الصلاة، حيث يهرع الكثير من المسلمين للحمام للوضوء، وما ينتج عن ذلك من «طرطشة» للماء في أرجائه! وقال رفيقي، الخبير في الشؤون العربية، ان ذلك العامل المسكين لم يكن يعرف ان تغيير «شفت» أو وقت عمله لم يكن ليغير شيئاً، فهناك أربع صلوات أخرى!