يوم أصبحت فقيراً؟

حقَّق الكثيرون ثروات من وراء عمليات نصب أو بيع أوهام لمن يحلمون بأن يصبحوا من أصحاب الملايين، وربما كان أشهر هؤلاء النصاب الأميركي الذي أرسل كماً هائلاً من الرسائل، من خلال صناديق البريد، يطلب من أصحابها إرسال دولار لحسابه، مقابل تلقيهم كتاباً يشرح كيف يمكنهم أن يحققوا الملايين!
حصل على ثروة ضخمة، ولم يتلقوا شيئاً يذكر منه، ولم تندم أغلبيتهم من «المقلب» لأن المبلغ الذي دفعوه كان بسيطاً!
***
حاولت الحكومة، وأنا شاهد عيان على ذلك، ومنذ ستينيات القرن الماضي، أن تخلق مواطناً ثرياً، ولكن كل محاولاتها، التي بلغت أحياناً درجة «التوسل»، لم تلق آذاناً صاغية! فمنذ ستين عاماً وهي تطرح أو تحول ملكيات شركاتها لعامة الناس، ولكن فئة قليلة قبلت المساهمة فيها، وأغلبية هؤلاء لم يحتفظوا بأسهمهم كاستثمار، بل قاموا ببيعها بعد فترة قصيرة بنسبة ربح عالية، وبأقل من السعر الذي بلغته تالياً، ومنها مصارف شهيرة. وكانت آخر تجارب الحكومة مع الخصخصة شركتي البورصة وكهرباء الزور، حيث طرحت أسهم الشركتين بسعر زهيد جداً، وكتبت مقالين أحث فيهما المواطنين على الاكتتاب في أسهم الشركتين، وذكرت بوضوح أن ما أطالب به ضد مصلحتي الشخصية، فكلما قل عدد الراغبين في شراء أو الاكتتاب في أسهم الشركتين، زادت حصة المساهمين الجدد في الشركة، والعكس صحيح، ولكن الامتناع استمر، وغالباً إما بسبب عدم الاكتراث، أو عدم معرفة طريقة المساهمة، أو أي سبب واه آخر. واستجد مع هاتين الشركتين سبب آخر تعلق بالفتوى التي أصدرتها جهات حكومية، ثم تراجعت عنها، بحرمة الاكتتاب في الشركة لوجود شبهات ربوية في أعمالها. وربما كان أكثر تلك الفتاوى تأثيراً ما صدر حينها عن نايف العجمي، وزير الأوقاف السابق، الذي كانت له حظوة كبيرة لدى السلطة يومها، ولم يكن يشغل أي منصب رسمي، وسبق قبلها أن أُشيع أن السلطات الأميركية لم تكن راضية عن تكليفه بحقيبة وزارية، والذي أفتى بحرمة المساهمة، في أي من الشركتين! وعاد أخيراً، وفي دولة يفترض أن بها مختلف مراكز الإفتاء الرسمية، ليؤكد موقفه ويحذر الناس من الاستفادة من خيرات الوطن، فهل يحق له ذلك؟ وكيف تسمح سلطات الدولة بمثل هذا التصرف الضار بالكثير من جهة لا تمثل إلا نفسها، وتسكت عنها، ولا تتردد في الوقت نفسه في تطبيق نفس نصوص القانون الذي يجرمه، بتجريم غيره لأنهم أدلوا بآراء لم تستحسنها الحكومة أو غيرها؟
***
المهم، تم طرح أسهم الشركتين للاكتتاب العام في 2019 بقيمة مئة فلس للسهم الواحد. وكمثال انتهى تخصيص أسهم شركة البورصة أولاً وحصل كل مساهم على 70 سهماً، بما معناه أن أغلبية الأسر التي ساهمت حصلت على ما يقارب 500 سهم، لم تدفع فيها أكثر من 50 ديناراً، واليوم، وبعد أقل من 3 سنوات، أصبح إجمالي أسهم تلك الأسر ما يقارب 2500 دينار، وهذا مثال من عشرات الأمثلة الأخرى، التي تكررت خلال العقود الستة الماضية!

من الطبيعي الافتراض أن رفض بعض المواطنين الاكتتاب في أية شركة حق أصيل لهم، ولكن ليس من حق نفس المواطنين الشكوى تالياً من أن «التجار أكلوهم» والقروض أهلكتهم!

ملاحظة: عندما كتبت بأن الفلسطيني المسيحي مظلوم في وطنه، ومحروم حتى من الجهاد، لم يعجب كلامي البعض (!)

اليوم رفض الكثيرون «مجرد الترحم» على الإعلامية الفلسطينية «شيرين أبو عاقلة» التي اغتالتها سلطات إسرائيل، لأنها مسيحية!

الارشيف

Back to Top