تلاعب «الدلال» بالكلام
يقولون إن الإخواني يبقى كذلك في كل ظروف، فهو مقيّد بقسمه لجهات خارجية، وولاؤه لها يفرض عليه الالتزام بتعليماتها، ولكن يبقى بعضهم أفضل خلقاً و«أدباً» من غيرهم، وربما يكون «محمد الدلال»، النائب السابق من هذه الفئة، وبالتالي ما كنت أود الرد وتفنيد ادعاءاته، ولكن الحق أولى بالاتباع.
***
يقول الأخ الدلال (القبس 28/4)، نقلاً عن كتاب «المتلاعبون بالعقول»، بأن السياسيين ورجال الإعلام يتلاعبون عبر التقنيات بعقول الناس، بهدف تضليلهم والتحكم بآرائهم وتوجيهها لتحقيق أهدافهم الخاصة، وهناك مقولة: «أعطني إعلاماً بلا ضمير، أُعطك شعباً بلا وعي»! وتطرق في مقاله أيضاً إلى ما ابتُليت به الساحة من متصارعين على الكرسي والمال (وكان هو يوماً أحدهم)، ممن لا يتورعون عن استخدام كل الوسائل لتحقيق أهدافهم، ومنها التلاعب بالعقول واستخدام مختلف الوسائل بهدف التشويه والتضليل، ومن هؤلاء غلاة العلمانيين والليبراليين، الذين يتبنون سياسية الهدم والتشويه والإساءة للآخر، حتى لو كان كذباً، كادعائهم أن سبب تراجع التعليم يعود إلى سيطرة التيار الديني عليه، وكيف أنه قام بالرد على مثل تلك الادعاءات، طالباً تقديم اسم وزير واحد، أو وكيل واحد، يمثل التيار الديني، تولى وزارة التربية منذ ستين عاماً؟!
***
هذا الادعاء غير صحيح إطلاقاً، وحتى لو افترضنا صحته، إلا أنه من المستحيل تحديد الوزير المنتمي إلى الإخوان أو إلى غيرهم، فتنظيم الإخوان سرّي يخضع لأنظمة صارمة وقسم ولاء وطاعة مطلقة لمرجع خارجي، وهذا ما لا يريد البعض الإقرار به علناً، فيشكلون بالتالي خلايا صامتة أو نائمة، وهم أكثر فائدة للحزب من العضو المعروف الانتماء. كما أن اتهام العلمانيين والليبراليين بأنهم السبب وراء تدهور التعليم، فقط لكثرة الوزراء الذين تولوا الوزارة منهم، تهمة سخيفة، بشهادته، فقد استدرك خطأه وأقرّ في مقاله بأن تراجع التعليم يرجع إلى عدم جدية السلطة التنفيذية في تبني ودعم قضية التعليم كأولوية، ولذلك أياً كان الوزير المختار، وأياً كان فكره، سيواجه بالإهمال وعدم الاهتمام بهذه الأولوية الوطنية!
***
ولكي نثبت للأخ الدلال أن الوزراء لا علاقة لهم بالمناهج، وأن الإخوان هم من يتحكّم فيها، فسنعطيه المثال التالي، وهناك ما يماثله الكثير.
في كتاب الدين للصف التاسع، ورد نص يتعلق بستة سيدخلون النار، ولن نتطرق لخمسة منهم، أما السادس فتعلق بـ«النساء غير مرتديات اللباس الشرعي»! وهذا يثير التساؤلات التالية:
كيف يكون كل وزراء ووكلاء التربية، على مدى 60 عاماً، من غير الإخوان، وفي قلب المنهج الدراسي نص يمثّل أقصى أماني الإخوان، ويتناغم تماماً مع إعلاناتهم التي تملأ الطرقات، والتي تطالب النساء بارتداء «اللباس الشرعي»، حسب مفهومهم، وشعار الإخوان الشهير «حجابي هو حياتي» وغير ذلك؟! فمن الذي يتحكم ويصوغ مناهج التربية؟ ومن تكون الجهة الوحيدة التي أعطت لنفسها حق تفسير ما يعنيه «اللباس الشرعي»، غير الإخوان؟ ومن الذي يسخّر الإعلام للتلاعب بالعقول، أكثر من الإخوان؟
وأخيراً لعلمك يا أخ محمد، أنا لا أبحث عن شهرة ولا ثروة ولست منتمياً إلى أي تنظيم أو حزب، ولا أريد غير الخير لبلدي، وولائي لقادته، وليس للمرشد العام للإخوان!