بعد معضلة التأمينات.. جاءت مأساة الإجازات
بعد أن خسرنا المليارات التي صرفت على «نكتة» العلاج في الخارج، وعلى سرقات الكهرباء ورواتب المعاقين، وجيش سكرتارية النواب في مختلف المجالس، وسرقات دعم المواد الغذائية، والصرف والهدر في المياه والكهرباء، والقائمة تطول، جاء الآن دور صرف ملياري دينار، أي 2000 مليون دينار، على شراء ما تراكم من إجازات لدى أكثر من 352 ألف موظف حكومي، فقد انتهت وزارة المالية من وضع اللمسات الأخيرة على قانون «بيع الإجازات»، وفق القانون الذي أقره مجلس الأمة في 9 فبراير الماضي وأحالته للحكومة لتنفيذه.
تبيّن من الدراسة تكلفة تطبيق القانون، على اعتبار أن لكل موظف رصيد إجازات يساوي 90 يوماً تقريباً.
وبالرغم من أن نص القانون واضح ويسمح للموظف، أثناء خدمته، استبدال رصيد إجازاته الدورية ببدل نقدي، كما يستحق عند انتهاء خدمته بدلاً نقدياً عن رصيد إجازاته الدورية التي لم ينتفع بها محسوباً على أساس آخر راتب يتقاضاه، فإن هذا يخالف المنطق والعقل ومصلحة الموظف والدولة ككل، خاصة أن «المالية» سبق أن أحالت إلى مجلس الأمة الميزانية العامة للدولة، ولم تضمنها مخصصات تطبيق هذا القانون، وهذا يتطلب اعتماداً إضافياً واستنزافاً جديداً!
***
بناء على سابق تجارب الكثيرين مع الجهاز الحكومي فإن هؤلاء يخشون، وهم على حق، من إساءة استغلال هذا القانون، وخاصة أن الاتجاه العام هو «خذ ما اتخذ»!
***
عند دراستي المصرفية في بريطانيا، قدم لي المشرف الإنكليزي النصيحة التالية، على استكانة شاي: «يوماً ما ستصبح رئيساً في مكان عملك. عليك أن تحرص على رفاهية موظفيك ومصلحة المصرف الذي تعمل به»!
من الضروري أن تقوم بين الفترة والأخرى بالطلب من أحد كبار مساعديك أن يذهب لبيته، وتجلس مكانه وستكتشف حينها أشياء كثيرة لم تكن تعلم عنها!
كما عليك أن تفرض على الموظف أن يأخذ إجازة من عمله، مرة على الأقل كل سنتين، فهذا أفضل لصحته النفسية والجسدية، وعلاقته بأسرته وزملائه.
كما أن قيام موظف آخر بأداء عمل من ذهب في إجازة سيمكنه من كشف أية مخالفات كان يقوم بها، أو رشاوى كان يقبلها، أو طرق عمل سيئة كان يتبعها.. إلخ.
كما أن إحلال آخر محل الموظف المجاز يتيح للأول فرصة التدرب على الوظيفة، وعدم حكرها عليه، في حال استقالته أو وفاته المفاجئة! وبالتالي يعتبر حرص موظف ما على الاستمرار في العمل وعدم أخذ الإجازة السنوية مؤشراً على اضطراب علاقته خارج عمله، أو وجود ما يخشى انكشافه إن ترك عمله ليؤديه غيره، أو لأن رئيسه في العمل يسمح له بالتغيب، حتى لفترات طويلة، طالما يحضر يومياً لدقائق لإثبات وجوده بالبصمة أو التوقيع!
ويقول صديق إن «مراقبين» في عدة جهات حكومية لا يطلبون إجازات سنوية مطلقاً، وهم على علم بأن تراكمها لأكثر من 180 سيضيعها عليهم، ولكنهم راضون بذلك، لأن بقاءهم في أماكن عملهم أكثر فائدة، مادياً. كما أن طبيعة ما يقومون به يسمح لهم بالغياب اليوم كله، وذهابهم في إجازة سيكشف «خمالهم»، والأوضاع الخاطئة التي كانوا يتسترون عليها مقابل قبض الحلاوة، وحريق المباركية ربما خير مثال!
وعليه نجد أن نظام شراء إجازات موظفي الدولة، وباختصار شديد، جريمة بحق العمل وصحة الموظف ورفاهيته.
***
وفي هذا الجانب، يقول أحد المتخصصين بأن هناك أمثلة على الهدر في أموال الإجازات في جامعة الكويت، وبالذات في الفصل الصيفي الاختياري. فعندما يقوم الأستاذ بالتدريس في الصيف يحصل على راتب مضاعف. كما يحق للإداريين أيضاً رواتب مضاعفة، إذا عملوا في العطلة الصيفية!
والأدهى من ذلك أن عضو هيئة التدريس عندما يتعين بمركز قيادي في الجامعة، ويبقى فيه أربع سنوات، فمن حقه بعدها الحصول على إجازة «تفرّغ علمي» ولسنتين، بضعفي الراتب، ومثل هذا الهدر موجود في جهات كثيرة أخرى! ويضيف بأن نظام منح الراتبين للأستاذ الجامعي بغرض التفرغ العلمي، لم ينتج عنه في الغالب أي إنتاج علمي.
كما يحق لمن يشغل مركزاً قيادياً، حتى لو لم يكن عضو هيئة تدريس، أن يحصل على «تفرّغ إداري» لسنتين، مع راتب مضاعف!
***
انخفضت استثمارات الصناديق العالمية في أسواق الأسهم العالمية بعد الانخفاض الكبير، الذي أصاب سوق نيويورك وغيره من أسواق!
هل كان المتقاعدون سيعيدون مبلغ الـ٣٠٠٠ دينار للتأمينات بعد خسارتها في الأسهم، على فرض انها دفعت المبلغ لهم من أرباحها؟