شكري مصطفى.. مثالاً
شكري أحمد مصطفى (1942 - 1978) مواطن مصري، كان متعاطفا مع الإخوان، وتزوج شقيقة الإخواني محمد صبحي مصطفى، وقبض عليه في الستينيات ضمن آخرين من الإخوان، وخرج من السجن بعد وفاة عبدالناصر.
اكتشف شكري في السجن زيف «إيمان» الإخوان فانفصل عنهم وأسس جماعته المتشددة التي عرفت تالياً بـ«التكفير والهجرة»، التي بدأت أعمالها الإرهابية بخطف شيخ دين بسيط ومسالم، هو محمد حسين الذهبي، وزير أوقاف سابق، ووضعت شروطا لإطلاق سراحه، لكنها قتلته بعد رفض الحكومة المصرية لمطالباتهم. أصدرت المحكمة العسكرية حكمها بإعدام شكري ورفاقه، وتم تنفيذ الحكم بعد القبض عليهم بأيام.
***
لم يتردد شكري، أثناء جلسات محاكمته في أغسطس 1977 في أن يعلن أن فكره يعتمد على تكفير المجتمع والآخرين، وكل من هم من غير جماعته، وحتى من دخلوها وخرجوا منها، فقتال هؤلاء أولى من أي قتال.
على الرغم من مرور ما يقارب 45 عاما على إعدام رأس الجماعة المفكر، صاحب الشخصية الكارزماتية، إلا أن فكرها لا يزال منتشرا في مناطق عدة مثل مصر والجزائر وليبيا، والتي ترتكز منظومتها الفكرية على الأسس التالية:
1. اعتبار أن الألفاظ المعبرة عن سائر المعاصي كالظلم والفسق والذنب والخطيئة والسيئة والخطأ ونحوها تعني كلها معنى واحدا هو الكفر المخرج عن الملة، وبالتالي فكل من ارتكب أي مخالفة شرعية مما يطلق عليها أحد هذه المسميات فهو كافر وخارج عن ملة الإسلام.
2. اعتبار أن الهجرة من دار الكفر (أي دولة لا تحكم بالشريعة) واجب شرعي حتمي، ولذلك سعت الجماعة لإيجاد مكان للهجرة واعتزال المجتمع.
3. اعتبار مبدأ التوقف في الحكم على أي مسلم ليس معهم، فهم لا يحكمون بكفر الفرد أو إسلامه حتى يتبين لهم، فإن رفض الانضمام لهم كفّروه.
4. الحكم بالقوانين الوضعية وتكفير من يقبلها.
ومن أبرز سمات الجماعة، حسب أقوال شكري مصطفى، أن كل المجتمعات القائمة مجتمعات جاهلية وكافرة قطعاً، والإسلام ليس التلفظ بالشهادتين، بل بالذي كان عليه الرسول وصحابته والخلافة الراشدة فقط، وبعدها لم يكن ثمة إسلام صحيح حتى الآن.
***
بعد إعدام شكري بقيت جماعته صامدة ولكن مع تغيير فكرها، وأصبحت في انتظار ظهور المهدي والانضمام إليه، ومن ثم فهم يمارسون الدعوة إلى أفكارهم دون عنف أو سعي لأي عمل سياسي، ويسعون للعمل التربوي والاجتماعي والتعليمي لأنهم يحرمون دخول المدارس والجامعات.
***
خرجت جماعة «التكفير والهجرة» والعديد غيرها، من رحم الإخوان المسلمين، مخزن الشرور، واعتقد هؤلاء أن بمقدورهم إخضاع كل حكومات العالم لإرادتهم ورغباتهم، وغالبا بالسيوف والخناجر!!
والملاحظ أن ليس في العالم كل هذا العدد من المنظمات الدينية التي تسعى، عن طريق العنف، لتغيير العالم وإخضاعه لهواها، كما لدينا، ونحن منذ يومها الأكثر تخلفا لأننا نسينا «فلسفة» وجودنا في هذه الدنيا، وأصبحنا الأمة الوحيدة التي لا يعنيها اكتشاف الأرض و«استعمارها» وتنميتها، وتطويرها، والاهتمام بتقدم شعوبها وتحسين البيئة، بل الاكتفاء بهداية البشر حتى ولو تطلب الأمر إعمال السيف برقابهم!!
وما «ابن لادن» والظواهري والزرقاوي وجهيمان والبغدادي، وعشرات غيرهم، إلا أمثلة على ذلك!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw