تبرع الشيخ سالم.. ومنحة المتقاعدين
تبرع الشيخ سالم العلي الصباح، قبل 15 عاماً، بمبلغ مئة مليون دينار لسداد ديون المواطنين، وسبقت تلك المبادرة الكريمة تبرعات قبلها وبعدها، وكتبت في حينها إن هذه التبرعات كان من الممكن أن تكون فائدتها أشمل وأكثر استدامة لو أنها وضعت في صندوق استثماري، وصرف ريعها لعشرات السنوات بعدها على الأعمال الخيرية.
ما ذكرته في حينه ينطبق اليوم على مئات ملايين الدنانير التي ستصرف للمتقاعدين، والتي ستذوب قيمتها تماماً من بين أيدي أغلبية من سيحصلون عليها، وسيتمكن بعضهم، كما تمنى النائب «عدنان عبدالصمد»، من أكل الزبيدي، بعد أن أقر مجلس الأمة بالأمس قيام التأمينات الاجتماعية بدفع مبلغ 3000 دينار لكل متقاعد، على أن تقوم الحكومة بالبدء في سداد ما عليها من مديونية لمؤسسة التأمينات، والبالغة 18 مليار دينار تقريباً، حسب أرقام النائب هشام الصالح، على أساس 500 مليون دينار سنوياً، وهذا سيخفف كثيراً من عبء صرف المنحة من على كاهل مؤسسة التأمينات. ولكن هذا التصرف يجب ألا يمنع صاحب المصلحة من الطعن في هذا القانون أمام المحكمة الدستورية. وحيث إن هذا الإجراء سيتكلف مبلغاً لا يقل عن 20 ألف دينار، بما في ذلك مبلغ 5000 تدفع ككفالة للمحكمة، التي لها حق مصادرتها في حال فشل الطعن، فمن الصعب أن أسير في القضية وحيداً، ولست صاحب مصلحة بخلاف دفاعي عن مصلحة أبنائي المشاركين في مؤسسة التأمينات. لذا، أدعو كل من له مصلحة في الطعن في هذا القانون، من العاملين في القطاعين الحكومي والخاص، إلى الاتصال بي أو إرسال رسالة إيميل على عنواني
لإبداء الرغبة بالمشاركة في رفع الدعوى.
***
نعود إلى موضوع المنحة، ونقول إن إقرار قانونها بيّن بوضوح تواضع قدرات مشرعينا، ولا ألوم المتقاعد، المتلهف على تسلم المبلغ، إن عجز عن التفكير بطريقة رشيدة في كيفية تكييف صرف هذا المبلغ، وعدم علمه بالقاعدة الحسابية والفقهية والمنطقية التي تقول إن خيراً قليلاً مستمراً أفضل بكثير من خير كبير ومتقطع أو لمرة واحدة. فلو فكر المشرع في مصلحة المتقاعد، بصورة محايدة ومجردة من الأهواء السياسية ودغدغة المشاعر، لشرع تسليم مبلغ المنحة البالغ 500 مليون دينار تقريباً لعدد من المصارف لتقوم باستثماره بطريقة حصيفة وتوزيع عائد الاستثمار على المتقاعدين المشاركين وعلى ورثتهم، سنة بعد أخرى، وإلى الأبد! ولكن يتساءل الحصيف، منذ متى فكرت شعوبنا بهذه الطريقة المنطقية؟
وفي هذا الصدد، غرّد رجل الأعمال المعروف «نجيب حمد مساعد الصالح» معلقاً على إقرار المنحة بأن أساس مبلغ الـ500 مليون التي ستصرف هو من المبالغ التي دفعها «غير المتقاعد للتأمينات، لكي يتم ادخارها واستثمارها لتنفعهم عند التقاعد، فالطرفان بحاجة إليها، لكن غير المتقاعد أولى بها لأنها خصمت من رواتبه لتدفع للمتقاعد!».
ولكن المشرع، مع الأسف، لا يهتم بهذه الأمور، ولا يفكر بهذا المنطق!
***
أنا بانتظار من يود مشاركتي في رفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية، للطعن في عدم دستورية القانون، ولن أكون ملكياً أكثر من الملك، فلست صاحب مصلحة في رفع الدعوى، فالمتضرر هو الذي لا يزال يدفع للمؤسسة ولا أحد غيره.
ملاحظة: بصفتي رئيس «جمعية الصداقة الكويتية الإنسانية»، أتقدم بالشكر إلى كل من اتصل وعرض التبرع بكامل مبلغ منحة التأمينات لجمعية الصداقة الإنسانية، وكان أولهم المهندس الفاضل صباح الريس!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw