وأخيراً.. تحرك الشريعان
بعد طول انتظار، أصدر وزير الشؤون تعميماً يتعلق بتنظيم العمل الخيري من خلال الميكنة، والتأكيد على الجمعيات الخيرية القيام بتقديم دراسات عن مشاريعها، لاعتمادها، مع بيان المعاملات البنكية والتحويلات بما فيها القادمة من الخارج.
كما أصدر الوزير المجدد «فهد الشريعان» تعميماً لاحقاً، أكثر أهمية وخطورة، لكل الجمعيات الخيرية، خاصة تلك التي تحوم شبهات حول تصرفات مجالس إداراتها، بضرورة توجيه ريع العمل الخيري، غير المشروط، لداخل الدولة لتمويل مشاريع خدماتية ضرورية، طبقا لقرار سابق لمجلس الوزراء.
***
شكل صدور القرار الأخير صدمة لكبار المشرفين على مشاريع الجمعيات الخيرية خارج الكويت، ولجيش شركائهم، الذين ينتمون غالبا لنفس الحزب الديني السياسي الذي يدير هذه الجمعيات، علما بأن هذه الجمعيات الخيرية تنتمي لحزبين دينيين فقط، فقصص وفضائح المشاريع الوهمية التي خرجت أموال طائلة من البلاد باسمها، لا تكاد تحصى!
***
في ظل هذه الصحوة الحكومية، نطالب وزير الشؤون كذلك بمراقبة أنشطة جمع التبرعات، التي تنتشر وتتزايد على وسائل التواصل، ومحاسبة القائمين عليها، وتجريم ما يرد فيها من ادعاءات غير صحيحة، كالقول إن التبرع بعشرة دنانير مثلا سيبدل سيئات الشخص لحسنات، دون وجود دليل، ولا ذكر لأين ستذهب الأموال التي ستقوم الجمعية بجمعها من السذج، والباحثين عن الأجر؟
إضافة لذلك دأب أحدهم على المطالبة بالتبرع لـ«الهدهد» ليتمكن من تمويل مشاريعه الوهمية المتعلقة بـ«تجنيد» دعاة، وأحدها إرسال دعاة للدوحة لإقناع جماهير مباريات كأس العالم، من الكفرة والفجرة، بالتحول للإسلام، ولا دليل أنه صرف قرشاً على هدفه الوهمي.
***
لقد استغل الكثيرون، ومنذ نصف قرن، العمل الخيري لتحقيق مآربهم غير المشروعة من إثراء، شخصي وحزبي، وتمويل جهات خارجية دارت شبهات حولها، وشهادة النائب السابق «أحمد الفضل»، من واقع مضابط مجلس الأمة، خير دليل، فقد بين في إحداها كيف استطاعت الجمعيات الخيرية خلال فترة قصيرة نسبيا من جمع أكثر من 720 مليون دولار، لم يصرف منها داخل البلاد غير 10 %، وذهب الباقي لمقاصد لا يعرف حتى اليوم أحد شيئا عنها!
***
كما نتمنى على الوزير الفاضل منع الجمعيات الخيرية، التابعة علانية أو سرا، لتنظيمات سياسية أو عسكرية، شيعية كانت أم سنية، وحتى تلك التابعة لنواد وجمعيات نفع عام، الامتناع «تماما» عن المشاركة وبأية صورة كانت في دعم أي مرشح أو تيار في الانتخابات القادمة، ومنع صرف أموالها على أي نوع من الإعلان وغيره، وتحذيرها بالإغلاق إن ثبت الجرم عليها!
كما تجب مراقبة مصادر تمويل الأحزاب السياسية الدينية، التي تستغل الأموال الخيرية لدعم مرشحيها في الانتخابات.
كما على الجهات الحكومية الأخرى، كما طالبنا وطالب الزميل بدر خالد البحر، ضرورة غل يد المشرفين على أموال وزارة الأوقاف والجهات الملحقة بها والمستقلة، لوقف دعمها لأية حملة انتخابية. إضافة لضرورة السعي لفرض الرقابة على الجمعية الخيرية الوحيدة التي لا تخضع لرقابة الشؤون، والتي دار أيضا لغط على تصرفاتها المالية!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw