كيف تختار نائباً بنغالياً؟
أخبرني من «أعرف جيداً» بالقصة التالية، أرويها على لسانه، مع بعض التصرف:
قمت قبل أربعة أشهر ببيع عقارين تعود ملكيتهما لأفراد من عائلتي. وبصفتي وكيلاً عنهم قمت بإنهاء كل الإجراءات، وفي يوم نقل الملكية اعترضت «العدل» على تحويل العقار المسجل باسم الابن بحجة أنه غير لائق صحياً، وأنه علينا إصدار حكم جديد من محكمة الأسرة يسمح ببيع العقار، على الرغم من أن لديّ حكماً من المحكمة نفسها يجعلني وصياً عليه! كما أن العقار، موضوع البيع، كان أصلاً «هبة» مني له!
يستطرد الصديق قائلاً: قبلنا بالأمر واعتقدنا أن المسألة ستنتهي خلال أيام، ولكنها طالت لأشهر عدة، أعرب فيها المشتريان عن نيتهما «إلغاء عقد البيع»، وحيث إن السعر كان جيداً، وفي مصلحتنا، فقد مثّل ذلك ضرراً بحق البائعين، ولكن الروتين الحكومي لا ينظر إلى مثل هذه الأمور لا بعين العطف ولا بالقبول!
دخلنا في متاهة لا أول لها ولا آخر مع محكمة الأسرة، التي لا تجتمع ولا تنظر في أي قرار، ولا تصدر أي حكم، إلا في يوم الأحد من كل أسبوع، ومن مبنى قديم ومتهالك، يفتقد كل الخدمات، وغير مناسب لأي عمل حكومي، دع عنك القضاة لهم مكانتهم واحترامهم، ويقع وسط مبانٍ وشقق سكنية مكتظة في قلب حولي.
زيارتنا للمبنى تجاوزت المرات العشر، وأتعبنا صعود ونزول أدراج الطوابق العليا، بسبب النقص في عدد المصاعد، وبطئها، وكثافة المراجعين.
بدا جلياً أن الأمر سيتأخر كثيراً، وليس هناك من تتحدث معه، وقد يأخذ أشهراً أخرى، بسبب النقص الشديد في عدد الطباعين، ورداءة التنظيم في المبنى، وما تتطلبه طباعة الحكم من إجراءات روتينية، وختم الحكم بالصيغة التنفيذية، وغير ذلك من أمور لا تتم إلا ببطء.
تبيّن لي جلياً أن مبلغ البيع، الكبير والمجزي، سيضيع من يدنا حتماً، بسبب هذا الروتين القاتل، الذي كنت أعتقد أنه طبيعي!
احترت في ما يجب عليّ القيام به، فلا أعرف أية شخصية متنفذة، ولا اتصال لي مع أي وزير، ولا أعرف هاتف أي نائب، وحتى لو عرفت، فلن «أهين» نفسي، بعد هذا العمر، بالطلب من «مخلص معاملات» أن يساعدني، فقمت ببث شكواي لصديقي البنغالي، فقام من فوره بإنهاء الموضوع خلال يوم واحد!
***
أنهى صديقي روايته قائلاً:
تطالبنا الحكومة الرشيدة بأن نحسن اختيار من يمثلنا في مجلس الأمة المقبل، وفي ظل الظروف التي تعيشها الإدارة الحكومية المترهلة والخربة، فإن اختياري سيقع على صديقي «البنغالي»، فهو الأكثر صلاحية لتمثيلي في هذه المرحلة، ولكنه قرَّر العودة لوطنه، كما أنه غير كويتي!
ملاحظة: ورد في قرار النيابة العامة، التي سمحت للصديق ببيع عقار ابنه، أن عليه إيداع مبلغ البيع في أحد البنوك «الإسلامية» لاستثماره!
وهذا، في نظري ونظر صديقي، شرط غير قانوني وغير سليم، ويعتبر ضد البنوك الأخرى التي تمتلك كامل الشرعية، وتتعامل معها كل أجهزة الدولة من دون قيد أو شرط.
نتمنى على السيد النائب العام، الجديد، إلغاء هذا الشرط!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw