أما آن أوان تكريم هذا الرجل؟
يعتبر الأستاذ محمد السنعوسي، سواء كإعلامي أو كسياسي أو كفنان، وحتى كرجل أعمال، ظاهرة فريدة في محيطه!
قدّم السنعوسي إبداعاً في قالب فني مفيد وممتع، وسطّر مواقف سياسية بيّنت قوة شخصيته ومعدنه، على الرغم من قصر المدة التي قبل فيها أن يكون وزيراً للإعلام، وعافت نفسه، بعد أن سعت كل قوى التخلّف تقريباً إلى عزله، وحالت ظروف بينه وبين رغبته في نزال من سعى إلى استجوابه!
***
ولد صاحبنا السنعوسي عام 1938 في الكويت، ودرس في مدارسها، وكان متفوقاً في الأنشطة الإعلامية والخطابة منذ يومها، ولم يكن غريباً اتجاهه إلى التخصص في مادة برع فيها وأحبها، حيث درس النقد الفني في أعلى المعاهد في القاهرة قبل أن يتجه إلى أميركا ليزيد من معارفه ويصقل مواهبه، وليبرز سريعاً في مجاله، حيث قام وغيره من الروّاد الأوائل برحلة تأسيس تلفزيون الكويت، الذي أصبح على أيديهم مصدر فخر لنا كدولة ومواطنين، يوم كنا نتميّز بكل شيء، في أجواء الحرية التي كنا نتمتع بها، عندما «كانت» الكويت منارة يشع نورها على دول عديدة، وكانت برامج تلفزيون الكويت، والمسرحيات والمسلسلات التي تعرض فيه، تُتابع في كل دول الخليج، وحتى مدن إيران الساحلية والعراق!
بدأت رحلة «أبوطارق» في التلفزيون مسؤولاً عن تنفيذ وتنسيق البرامج، ثم مخرجاً ومعداً لها، قبل أن يصبح في منتصف الستينيات مراقباً للبرامج، ثم مديراً عاماً، ثم وكيلاً مساعداً في الوزارة حتى عام 1985، كان خلالها مبدعاً في تقديم برامجه الحوارية المميزة، التي أثارت ضجة وجدلاً، واستقطبت الكثير لمشاهدة القناة الكويتية، خصوصاً تلك التي تعلقت بمساجين الشيكات، وبرامج انتقاد السلوكيات المجتمعية الخاطئة، التي اتسمت حلقاتها بدعابة محببة وهادفة.
بعد تقاعده من وزارة الإعلام عمل مديراً عاماً لشركة المشروعات السياحية، ثم اتجه إلى الأعمال الحرة، قبل أن يتم اختياره وزيراً للإعلام في حكومة عام 2006 برئاسة الشيخ ناصر المحمد الصباح.
خلال مسيرته المهنية والعملية والفنية الطويلة تقلّد العديد من المناصب والمهام، منها: عضوية مجلس كلية الآداب، ورئيس الشركة العربية العالمية للإنتاج السينمائي، البحرين، ورئيس شركة hit films هيوستن، أميركا، ورئيس مجلس إدارة شركة الوفرة للمشاريع السياحية، القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للتخطيط، إضافة إلى عضوية عشرات اللجان الحكومية والخاصة، ومستشار لجهات عدة داخل الكويت وخارجها، وعضو ورئيس لمختلف لجان التحكيم الفنية والثقافية.
كما كان له دور تنفيذي ومالي، وحتى سياسي، بارز في إنتاج فيلم «الرسالة» الكبير، بنسختيه العربية والإنكليزية، عام 1976.
***
يقترب الصديق الكبير محمد ناصر السنعوسي حثيثاً من عامه الخامس والثمانين، وقد مرّ في حياته بظروف أسرية وصحية صعبة لم تزده إلا قوة وصلابة، بفضل وقوف شريكة حياته، أم طارق، معه طوال رحلتهما الجميلة في الحياة، حيث كانا دائماً مثال الكرم والإنسانية وحب الآخر، بصرف النظر عن الكثير من الصغائر التي لا يزال البعض يتمسّك بها!
رجل مثل «أبو طارق» يستحق من الدولة، في عهدها الجديد، تكريماً استثنائياً، فقد أعطى وطنه الكثير.
***
من كان منكم بلا خطيئة، فليرجمني بحجر!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw