مأساة الهندي سلمان..!

«... لو كان سلمان رشدي أميركياً، واسمه جون ريتشارد، لما أهتم أحدٌ في «أمةِ لا أقرأ» به أو بكتبه!
***
تعتبر حادثة «الآيات الشيطانية» جزءاً من التاريخ الإسلامي المعروف، وتناولها بحثاً، على مر التاريخ، الكثيرون، ولم تصدر أية جهة فتوى بقتل من تطرق إليها، وكان من الممكن بالتالي ألا تلقى الرواية «الثقيلة الدم»، التي كتبها «سلمان رشدي» بنفس العنوان، اهتمام أحد، لولا الفتوى «السياسية» لآية الله الخميني، عام 1989، بقتل مؤلفها، والتي جعلته وكتابه حديث العالم، وحولته إلى نجم يسعى المشاهير لأن يكون ضمن المدعوين لحفلاتهم!
***
اعتبرت الكاتبة السويدية من أصل بنغالي، تسليمة نسرين، أن الأصوليين لا يهتمون بقوانين الدول، بل يتبعون الشريعة التي تتفق وأفكارهم، وأن الفكر الديني يفتقد العمل النقدي الذي خضعت له بقية الأديان الأخرى، وأن هذا مؤشر على الضعف والهشاشة.

كما تحدثت عن خوف عالمي من «إرهاب همجي» لا يصيب غير المسلمين فقط، بل والمسلمين أيضاً «في البلدان التي يشكلون فيها الأغلبية، وحتى في البلدان التي لا يوجدون فيها»!

تقترح تسليمة ضرورة الإصلاح من خلال «الإيمان بحرية الفكر ومنع العنف، وتدمير الأرض الخصبة للأصولية، وإغلاق مصانع الإرهاب بشكل مستدام، واستنكار الأفكار المتخلفة لهؤلاء البرابرة المعارضين للديموقراطية والحريات الفردية وحرية التعبير، وأن الهجوم على سلمان رشدي يشجّع الجهاديين على تنفيذ المزيد من الهجمات، وأنه لا خيار سوى تحرير العالم من الإرهاب لجعله مكاناً أفضل، والحفاظ على حرية التعبير، وإنقاذ العالم من هذه الهمجية». كما صرح رشدي نفسه عام 2005 بأن الفتوى بحقه كانت مقدمة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001. وكتب في 2016: «لم تكن حالتي سوى تمهيد لظاهرة أوسع بكثير باتت تعني الكثير»، ومنذ يومها اضطر إلى التواري والعيش في سرّية تحت حماية الشرطة، متنقلاً من مخبأ إلى مخبأ تحت اسم مستعار، وهو «جوزف أنطون»، الذي اختاره تكريماً لكاتبيه المفضلين جوزف كونراد وأنطون تشيخوف، فعانى من العزلة، واشتدت وحدته مع انفصاله عن زوجته الروائية الأميركية ماريان ويغينز، التي أهدى إليها روايته «آيات شيطانية»، وكتب: «إنني مكموم الفم ومسجون... أود أن ألعب كرة القدم مع ابني في المتنزه. حياة طبيعية، عادية، حلم مستحيل عليّ».

لكن اعتباراً من عام 1993، ضاعف السفر والظهور العلني، بعد أن سئم من أن يكون «رجلاً خفياً»، فيما أبقت الحكومة البريطانية على مراقبته. ومع انتقاله للإقامة في نيويورك، أصبح يعيش بصورة شبه طبيعية، مواصلاً الدفاع في كتبه وآرائه عن الحق في حرية الكتابة.

يصر رشدي على أنه غير سياسي، ويؤكد أن روايته «أسيء فهمها إلى حد بعيد»، موضحاً «إنها في الواقع رواية تتحدث عن المهاجرين الآسيويين في جنوب لندن، ولم تكن ديانتهم سوى جانب من تلك القصة». وفي مقابلة أجريت معه قبل أسابيع، قال إن حياته باتت «طبيعية نسبياً»، بعد أن عاش مختبئاً لسنوات بسبب تهديدات بالقتل.

ويبدو جلياً أنه كان على خطأ!

أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top