فضيحة «وثيقة العار»
ظهر مرشحون للانتخابات القادمة وهم في وضع التوقيع على «وثيقة القيم»، بما يفيد موافقتهم عليها وتبنيهم ما ورد فيها!
تضمنت «وثيقة القيم»، وهي تسمية فضفاضة وسخيفة، مجموعة من الإجراءات التي يطالب من صاغها بضرورة قيام أعضاء مجلس الأمة بتبنيها من خلال قوانين، لتحويل الحياة في الكويت إلى ما يقارب ما هو سائد في أفغانستان!! فورقة التعهد تفيد بأنه على المرشح الذي سينجح في الانتخابات الدفع لتطبيق منع الاختلاط في التعليم، والاستمرار في بناء قاعات دراسية للذكور منفصلة عن قاعات الإناث، مع رفض إقامة أي نوع من المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة، وإصدار قوانين تغلق بموجبها المسابح والنوادي المختلطة في الفنادق وغيرها، مع تفعيل قانون «اللباس المحتشم» في كل معاهد وكليات العلوم في الجامعات وكليات التعليم الأخرى، وتعديل قانون التشبه بالجنس الآخر، وتجريم الوشم على الجسد، وإضافة جريمة «سب الصحابة» إلى قانون «المسيء»، ووقف كل أعمال الميسر التي تعلن عنها بعض شركات الاتصالات!
***
أنا شخصياً على استعداد لتأييد هذه الشروط، بكل ما تمثله من تناقض وسخف، إن كان هناك من يضمن أن تطبيقها سيقلل بالفعل من حجم الفساد في المجتمع، وسيرتقي المواطن بأخلاقه متى ما تم تجريم التعرّض لأي من الصحابة مثلاً، أو منعت الفتيات من ارتداء ملابس معينة!
لم يكن غريباً أبداً خلو «الوثيقة الفضيحة»، التي قام بتبنيها عدد من المرشحين، تماماً من الأمور الأخلاقية الحقيقية والرفيعة!
فلم يتعهد لا من كتبها ولا من وقعها بأن يمتنع هو وأبناؤه، مثلاً، وأقرباؤه وشركاؤه، عن استخدام الكرسي النيابي للإثراء من مناقصات الدولة، وكسب العقود لمكتبه الهندسي أو القانوني!
ولم تتضمن الوثيقة أي بند يتعلق برغبة من تبنوها في محاربة الفساد على كل الأصعدة، وهذا دليل على أنهم قد يصبحون يوماً جزءاً منه!
كما خلت الوثيقة، الفضيحة، تماماً من رفض اللجوء للانتخابات القبلية، المجرمة وغير الأخلاقية. علماً بأن غياب التطرق إلى مثل هذه القضايا الأخلاقية المهمة لم يأت مصادفة، بل لأن «البعض» لا يرى في اقترافها جريمة، كما أنهم مهيئون لها أصلاً، منذ أن فكروا في الوصول إلى قبة البرلمان، كنواب، فهدفهم كان ولا يزال تحقيق مصالحهم الشخصية، ومن بعدها مصالحهم الحزبية!
أما إضافة الصحابة «جميعاً» إلى قانون المسيء، فهي تدل على تفكير قراقوشي، فإقرار مثل هذا القانون سيجعلنا الشعب الوحيد في الكون، وفي تاريخ البشرية، الذي جرم الإساءة إلى كل أفراد شعب عاش قبل أكثر من 1400، فهل هذا من العقل، أو له علاقة بالأخلاق؟
لقد سئمنا من تبجح هؤلاء، فهم يحذرون من كل هذه الأمور، ولكنهم لا يحرمونها على أنفسهم ولا على أبنائهم، خصوصاً إن كانوا خارج الكويت. فبعضهم مثلاً يصف الحياة في أميركا بأنها «لا أخلاقية»، كما فعل النائب السابق «ناصر الصانع»، في مقابلة تلفزيونية، بالرغم من أنه خريج جامعاتها، ومع هذا لم يتردد في إرسال أبنائه للدراسة هناك. وبالتالي من وقعوا على هذا التعهد سيكونون غالباً آخر من سيلتزم بها، ولا خوف منهم، ولكن الخوف على تصديق السذج لادعاءاتهم!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw