الكوبرا والصفوف الأمامية والتعليم الديني
هل سبق أن حاولت حل مشكلة ما، ليزداد الوضع سوءاً؟
هذا ما يسمى بـ«تأثير الكوبرا».
أثناء استعمار بريطانيا للهند (1858 ــ 1947) واجهت السلطات مشكلة وجود عدد كبير ومقلق من ثعابين الكوبرا السامة في الشوارع.
تقرر تقديم مكافأة لكل كوبرا ميتة، فنجحت الخطة، وانخفضت أعدادها في الشوارع، ولكن عدد الميت منها، الذي كان يقدم للحصول على المكافأة استمر في الارتفاع؟
بالبحث، تبيّن أن السكان بدأوا بتربية الثعابين في بيوتهم، ثم قتلها للحصول على المكافأة، فتوقف مشروع المكافأة.
تورط الأهالي بما لديهم منها فأطلقوا سراحها، بعد أن أصبحت غير ذات قيمة، فأصبح الوضع أكثر سوءاً مما كان.
هذا المثال ينطبق على أمور كثيرة واجهناها على مدى العقود القليلة الماضية.
فمثلاً، حاولت الحكومة في سنة من السنوات الحد من ازدحام الطرق، فأوقفت إصدار إجازات القيادة، إلا في أضيق الحدود. تبيّن بعد بضعة أشهر أن عدد السيارات لم ينخفض، بل زاد، مع زيادة الطلب على السائقين، فلجأ الكثيرون إلى الدفع للمسؤولين للحصول على إجازة القيادة، فبقيت مشكلة المرور كما هي، وأصبح لدينا راشون ومرتشون كُثر!
ولتخفيف أعداد السيارات في شوارع المكسيك المزدحمة، حددت السلطات السيارات المسموح بقيادتها طوال أيام الأسبوع من خلال الرقم الأخير من لوحاتها!
قل الازدحام كثيراً لفترة قصيرة ليعود إلى الارتفاع ثانية، بعد أن بدأ الناس بشراء سيارات رخيصة ذات لوحات معدنية بأرقام متفرقة، ليستطيعوا الاستمرار في التنقل!
كما قررت حكومتنا قبل سنوات زيادة أعداد المواطنين العاملين في القطاعات الدينية، من مؤذنين وأئمة مساجد ومدرسي دين، فشجعت التحاقهم بالمدارس والمعاهد والكليات الدينية، ومنحتهم مكافآت مالية. تبيّن بعد فترة أنه لا أحد تقريباً يود العمل في الجهات التي «تخصصوا» فيها، مع استمرار تصاعد الاستعانة بأئمة ومؤذنين غير كويتيين. والسبب أن غالبية دارسي المواد الدينية التحقوا بها لسهولة موادها الدراسية، معتبرين شهاداتهم جسراً لوظائف أفضل، سواء بالواسطة أو بغيرها! ومع الوقت توقفت الأجهزة الحكومية عن استيعاب كل خريجي المدارس الدينية، فازدادت البطالة بين هؤلاء، غير المؤهلين أصلاً للقيام بغير ما قاموا بدراسته، فانقلب السحر على الساحر!
كما قررت الحكومة بعد جائحة كورونا، وفي مبادرة طيبة، مكافأة من ضحوا وخاطروا بوقوفهم في الصفوف الأمامية أمام المرض القاتل والمعدي، وطلبت من «كافة» الجهات الحكومية تقديم كشوف بأسماء هؤلاء!
جاء رد الفعل قوياً وسريعاً، حيث انهالت على الحكومة الطلبات متضمنة أسماء الآلاف من غير مستحقيها، سواء بشهادات زور ممن أصدروها، أو ممن قبلوها، واضطرت الدولة لدفع مليارات الدولارات كتعويضات، ذهب جزء كبير منها لغير مستحقيها، ليخسر المال العام الكثير، وليزداد بيننا أعداد المزورين، من مواطنين ومقيمين، المصلين الصائمين!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw
هذا ما يسمى بـ«تأثير الكوبرا».
أثناء استعمار بريطانيا للهند (1858 ــ 1947) واجهت السلطات مشكلة وجود عدد كبير ومقلق من ثعابين الكوبرا السامة في الشوارع.
تقرر تقديم مكافأة لكل كوبرا ميتة، فنجحت الخطة، وانخفضت أعدادها في الشوارع، ولكن عدد الميت منها، الذي كان يقدم للحصول على المكافأة استمر في الارتفاع؟
بالبحث، تبيّن أن السكان بدأوا بتربية الثعابين في بيوتهم، ثم قتلها للحصول على المكافأة، فتوقف مشروع المكافأة.
تورط الأهالي بما لديهم منها فأطلقوا سراحها، بعد أن أصبحت غير ذات قيمة، فأصبح الوضع أكثر سوءاً مما كان.
هذا المثال ينطبق على أمور كثيرة واجهناها على مدى العقود القليلة الماضية.
فمثلاً، حاولت الحكومة في سنة من السنوات الحد من ازدحام الطرق، فأوقفت إصدار إجازات القيادة، إلا في أضيق الحدود. تبيّن بعد بضعة أشهر أن عدد السيارات لم ينخفض، بل زاد، مع زيادة الطلب على السائقين، فلجأ الكثيرون إلى الدفع للمسؤولين للحصول على إجازة القيادة، فبقيت مشكلة المرور كما هي، وأصبح لدينا راشون ومرتشون كُثر!
ولتخفيف أعداد السيارات في شوارع المكسيك المزدحمة، حددت السلطات السيارات المسموح بقيادتها طوال أيام الأسبوع من خلال الرقم الأخير من لوحاتها!
قل الازدحام كثيراً لفترة قصيرة ليعود إلى الارتفاع ثانية، بعد أن بدأ الناس بشراء سيارات رخيصة ذات لوحات معدنية بأرقام متفرقة، ليستطيعوا الاستمرار في التنقل!
كما قررت حكومتنا قبل سنوات زيادة أعداد المواطنين العاملين في القطاعات الدينية، من مؤذنين وأئمة مساجد ومدرسي دين، فشجعت التحاقهم بالمدارس والمعاهد والكليات الدينية، ومنحتهم مكافآت مالية. تبيّن بعد فترة أنه لا أحد تقريباً يود العمل في الجهات التي «تخصصوا» فيها، مع استمرار تصاعد الاستعانة بأئمة ومؤذنين غير كويتيين. والسبب أن غالبية دارسي المواد الدينية التحقوا بها لسهولة موادها الدراسية، معتبرين شهاداتهم جسراً لوظائف أفضل، سواء بالواسطة أو بغيرها! ومع الوقت توقفت الأجهزة الحكومية عن استيعاب كل خريجي المدارس الدينية، فازدادت البطالة بين هؤلاء، غير المؤهلين أصلاً للقيام بغير ما قاموا بدراسته، فانقلب السحر على الساحر!
كما قررت الحكومة بعد جائحة كورونا، وفي مبادرة طيبة، مكافأة من ضحوا وخاطروا بوقوفهم في الصفوف الأمامية أمام المرض القاتل والمعدي، وطلبت من «كافة» الجهات الحكومية تقديم كشوف بأسماء هؤلاء!
جاء رد الفعل قوياً وسريعاً، حيث انهالت على الحكومة الطلبات متضمنة أسماء الآلاف من غير مستحقيها، سواء بشهادات زور ممن أصدروها، أو ممن قبلوها، واضطرت الدولة لدفع مليارات الدولارات كتعويضات، ذهب جزء كبير منها لغير مستحقيها، ليخسر المال العام الكثير، وليزداد بيننا أعداد المزورين، من مواطنين ومقيمين، المصلين الصائمين!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw