خبرنا سموك.. شنهي مايتكم؟
يقول المثل الإنكليزي، لا تستطيع أكل الكيكة والاحتفاظ بها! وهذا ما تحاول الحكومة القيام به، بيأس واضح، أي الاستماتة في المحافظة على ما تعارف عليه البعض بـ«هويتنا» و«تقاليدنا»، و«أعرافنا»، و«عاداتنا»، والسعي، بخجل وتردد واضحين، للانفتاح على العالم، وتعديل التركيبة السكانية وتقليل الاعتماد على مصدر دخل واحد، وتنويع موارد الدولة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتشجيع السياحة الداخلية والخارجية، وغير ذلك من «العك» أو الحرث في البحر!، فوضعنا حاليا، وفقًا للنهج الحكومي، يشبه وضع قارب صغير دُفع به إلى الماء دون مجاديف ولا شراع، فأصبح يتهادى مع الموج والرياح دون اتجاه!
***
لو وضعنا النائبتين، جنان بوشهري، وعالية الخالد، جانبا، لأمكن القول، مع التحفظ الشديد (مع الأسف)، إن أفضل من تبقى من نواب في المجلس هم مهند الساير وعبدالله ومهلهل المضف، وحسن جوهر، مع تجاهل خامسهم الحدسي، كونهم الأقرب، فكريا، للدولة المدنية والانفتاح على الآخر، أو هكذا يشيعون، ومع هذا لم يتردد هؤلاء في تقديم مشروع قانون يفرض حبس سنة وغرامة 1000 دينار، على كل من «يتشبه» بالجنس الآخر عمدا، في صفاته وسماته الجنسية!
يعلم هؤلاء أن المثلية بدأت مع البشرية، وستبقى رغما عنا، فهي جزء من الطبيعة البشرية، فما الذي جرى ليصبح هذا الموضوع خطيرا ويتطلب تشريعا، وهم على علم باستحالة اتفاق اثنين على معنى التشبّه!، فهل لو ارتديت قميصا ضيقا، مشجرا، وبألوان زاهية، أعتبر متشبّها؟ وهل لو قصرت الفتاة شعر رأسها تصبح متشبهة، وتسجن لسنة؟ وغير ذلك من الحالات التي يصعب الجزم بها، والتي ستشغل غدا المخافر والنيابة العامة والمحاكم، وسيبقى أثناءها عدد المثليين، علميا وطبيا، كما هو، بقانون أو بغيره! فلم الإصرار على تضييع الجهود والوقت الثمين في الوقت الذي نزداد فيه غرقا كل يوم في بحور التخلف والفساد الاقتصادي والإداري والتشريعي، وحاجتنا الماسة لمن يوقف هذا النزيف والعبث والضياع!
***
بموازاة جهود هؤلاء قام نائب سادس فطحل، من جماعة «خذوه وغلّوه»، بتوجيه سؤال لوزير الداخلية عن ضوابط إقامة سباقات الماراثون، وهل تراقب التزامها بالضوابط الشرعية للاختلاط، وهل تقام بموافقات الحكومة؟
الاستجابة أو حتى الرد على هذه الأسئلة السطحية سيزيدان من شهية السائل وغيره لاقتراح «ضوابط شرعية» للمتسوقين، خاصة في المولات، فلا فرق بين ألف يجرون في ماراثون وألف آخر يتريّضون في المول، أو يتسوقون، وبالملابس نفسها تقريبا؟
وماذا عن اختلاط الموظفين، ذكوراً وإناثاً، بعضهم ببعض ومع المراجعين، في مختلف المصالح الحكومية، وخاصة في ساعات الليل المتأخرة في المستشفيات والمختبرات والجهات الرقابية، وبعض إدارات المصارف، وخدمات المطاعم والفنادق وغيرها؟
***
ما نود قوله إن البوصلة لدى الحكومة ضائعة، ولا يبدو أنها تعرف إلى أي مسار نتجه، فيا سمو رئيس الوزراء خبرنا: شنهي مايتكم، لنعرف ما علينا القيام به؟
هل تريدون دولة دينية طالبانية متشددة، أم دولة عصرية منفتحة على الآخر؟
إن مسك العصي من النصف، ومحاولة إرضاء الطرفين لن ينتج عنها غير بقائنا في المربع الأول، والكل يجري من حولنا!
كما أن الخضوع لهذا الابتزاز المستمر، وقبول زحف المتخلفين على ما تبقى لنا من حريات، سيقوض نظام الدولة حتما، فهل من متعظ؟
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw