إشارات وعلامات

في هذه اللحظات، وأنت تقرأ هذه الكلمات، تكون قد بلغت عمرا لم تبلغه من قبل، وكنت قبلها اصغر مما كان بإمكانك أن تكونه، فعليك أن تنعم بالحياة وتجعل كل يوم جديدا وسعيدا، ما استطعت الى ذلك سبيلا!
تطرأ علينا، ونحن نتقدم في العمر، تغيرات نفسية وفزيولوجية عميقة، حيث يتوقف البعض عن محبة ابنائهم ليتعلقوا لدرجة الوله بأحفادهم. كما يشعر من يتقدمون في السن بالسعادة عند الخروج من البيت، ولكنهم سرعان ما يحنون الى البيت ويصبحون أكثر سعادة بالعودة اليه، ومع التقدم في العمر نشعر بأننا اصبحنا ننسى أسماء البعض، ولكن سرعان ما نكتشف أن من حولنا ليسوا أفضل منا! ويصبح الأمر مضحكا أو مربكا عندما نكتشف أن شريك، أو شريكة، حياتنا، التي اعتمدنا عليها في تذكر أمور معينة، هي أسوأ منا، وأن الأمور التي كنا نهتم بأدائها، أصبحنا لا نهتم بأدائها، ويصيبنا القلق لعدم اهتمامنا بها!
ومن علامات الكبر أن النوم أمام تلفزيون يصدر موجات صوتية من دون صورة اصبح أكثر راحة وافضل منه في الفراش، ونعلم اننا كبرنا عندما نكتشف أن الأجهزة الكهربائية التي بين ايدينا اصبحت تتطلب أكثر من معرفة on وoff. كما نبدأ بالاكثار من استخدام كلمات مثل آسف أو أعتذر وماذا، ولماذا، وكيف، ومتى، ولا أتذكر، وربما ولا اسمع! وعندما نضطر أحيانا، عندما نبلغ من العمر عتيا، لاصدار صوت من بطوننا المنتفخة من عشاء الليلة السابقة، فإننا عادة ما لا نكترث بما يقوله الآخرون عنا! ويكثر الهمس من حولنا، ويبدأ الجميع بالتحدث بصوت منخفض، وكأن هناك أسرارا جنسية لا نعرفها. وعندما نكبر ويصبح بامكان البعض شراء ما يريد، لا نقوم بذلك بحجة أنه اسراف لا داعي له، أو أن من الأمان عدم اقتناء المجوهرات الثمينة. وعندما يتقاعد الرجل تعتقد الزوجة أن ايام الراحة والاستمتاع بالصحبة قد بدأت، لكن سرعان ما تشعر بأنها على استعداد لأن تقوم بأي شيء ليحصل زوجها على عمل، ويبقى خارج البيت! كما نكتشف فجأة أن أكثر ملابسنا من قياسات صغيرة، ولكن نرفض التخلص منها، مع علمنا أن لا امكانية، في ما تبقى لنا من عمر، في أن نرتديها يوما. ومع الكبر نسمع الجميع ينادينا بـ«يا عمي» ويا «حجي»! وعندما نكثر من الاهتمام باطفاء الأنوار، لغرض التوفير وليس الرومانسية، فهذا من علامات الكبر، ومن علاماته أيضا أن شمعات كيكة الميلاد تصبح أقل، فكل شمعة تمثل عقدا من الزمن وليس سنة! وفجأة نكتشف أن الكثيرين على استعداد للتخلي عن كراسيهم لنا في الحافلات وعند الطبيب، وما أكثر زياراتنا له، وما أن نسمع بنجاح أحدهم حتى نطلب رقم هاتفه وتخصصه. كما يتزايد عدد من يعرضون مساعدتهم لنا في حمل حقائبنا على درج الطائرة أو وضعها في خزانة الأمتعة العلوية، وتصل الأمور لذروتها عندما تبدأ بنسيان أسماء أحفادك!
ان التقدم في العمر يجعل كل شيء تقريبا يبدو سيئاً، الا أن هناك دائما أغاني قديمة لا نحب سماع غيرها، وأفلاما قديمة لا نتذكر غيرها، وعادات قديمة لا نرغب في نسيانها، وأفضل من كل ذلك اصدقاء قدامى لا نتخلى عنهم بكل ما في العالم من مال! وعلينا بالتالي أن نستمتع بكل مرحلة عمر نمر بها.
الفكرة من نص على الانترنت، بتصرف كبير.

الارشيف

Back to Top