من كان منكم بلا خطيئة..!
ورد في مانشيت القبس (26 / 12) أن الحكومة تعكف (بعد تأخير استمر لأكثر من نصف قرن) على حصر جميع الأراضي المملوكة لها ضمن القطاعات السكنية والاستثمارية والحرفية والصناعية والمستودعات التخزينية، إضافة إلى الأراضي المرتبطة بالخدمات التعليمية، بغية وضع برنامج (!) لتخصيص المتوافر منها للمشروعات الواردة في الخطة الحكومية، وهي الخطة الشاملة التي تهدف لخفض تكاليف السكن والعلاج.
من أجل تحقيق كل ذلك، قام مجلس الوزراء، في خطوة متأخرة جداً، بمخاطبة كل الجهات الحكومية لتزويده بكشف يبين كل العقارات والأراضي التي تقع تحت يدها (مو كأنه تو الناس؟!).
***
مؤسف ومؤلم ومحزن قراءة أن حكومة دولة الكويت، مع كل ما لديها من أجهزة، وجيش من الموظفين، لا تعرف كامل ما يقع تحت يدها من أملاك، سواء كعدد أو كموقع أو كاستعمال، وكأن حجمنا بحجم الصين أو الهند، ولكن مع هذا يمكن تفهم ذلك، بشكل عام، في ظل التخلف الإداري الذي نعيشه، لكن بعض قطاعات الدولة «هرتنا» وهي تتحدث عن منجزاتها في عالم الميكنة والتطور الإداري، والانتقال لإنجاز المعاملات بغير ورق، مثل هيئة الصناعة، وإدارة أملاك الدولة، التي يديرها وكيل ومديرون ومراقبون، ومعهم مئات الموظفين، منذ ستين عاماً، ووظيفتهم الأساسية أصلاً هي حصر ومعرفة أملاك الدولة!
كما أن هيئة الصناعة، وهي هيئة جديدة نسبياً ومتقدمة إلكترونياً، أو هكذا يفترض، التي تأسست قبل ثلاثين عاماً تقريباً، وفيها مئات الموظفين، ومع هذا ورد في تقرير سري لديوان المحاسبة أن هذه الهيئة «لا تعرف» حجم أو عدد القسائم الصناعية والخدمية الأخرى التي تقع تحت يدها! أليست هذه كارثة إدارية ستمر وغيرها من دون أن يلفت ذكرها نظر أي مسؤول كبير؟
كيف يمكن أن نصدق أن إدارات حكومية عرمرمية تصرف على موظفيها مئات ملايين الدنانير، في شكل رواتب وامتيازات، وما وضع تحت يدها وتصرفها من تجهيزات حديثة وكمبيوترات عملاقة، لا تعرف عدد «قطع الأراضي» المحدودة أصلاً، التي تقوم بتأجيرها للغير؟
إذاً كيف كانت على ثقة بأن ما كانت تقوم بتجهيزه وإبرامه من عقود تأجير، سنوياً، كانت صحيحة، وتشمل الجميع وليس هناك تلاعب ما؟
وكيف كانت تقوم بتحصيل رسوم التأجير، إن كانت لا تعرف بالدقة ما تحت يدها من أملاك؟
هذه كارثة إدارية، يوجد ما يثبت صحتها من مكاتبات مجلس الوزراء، ومن تقارير ديوان المحاسبة الموجودة لدى مكتب رئيس مجلس الأمة، وستمر الكارثة، غالباً، من دون محاسبة أو عقاب، كغيرها!
***
«من كان منكم بلا خطيئة، فليرمِ كبار موظفي الحكومة بالحجر!».
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw