تآكل الأمم
خلال فترة قصيرة نسبيا، ستتآكل وتضمحل دول كثيرة، ليس بمعنى الاختفاء، بل بمستويات الانحدار والتخلف والتهميش التام، بحيث تصبح عالة على البشرية في كل احتياجاتها ومتطلباتها، وسنكون غالبا ضمن تلك الدول التي ستضمحل، إن لم نتلاحق الأمر، ونفكر في طريقة وأسلوب حياة مختلف يضمن ولو شيئاً من مستقبل أحفادنا!
***
اهتمامات الشعوب النائمة أصبحت تتمحور، شيئاً فشيئاً، حول قضايا العقيدة، والاستماتة في الدفاع عنها، وكرة القدم ومتابعة المسلسلات التلفزيونية، وهذا ما يسعد أنظمتها، فهي تدفعهم دفعا للاهتمام المسرف بهذه الأمور، والتضييق عليهم في الأمور الأخرى، بحيث يعودون في نهاية اليوم للبيت وهم في غاية الانهاك، نتيجة الجري خلف تأمين لقمة العيش، وتوفير سكن وفراش، والدعاء بحسن الخاتمة.
***
قبل عشرين عامًا، أخبر عالم الكمبيوتر وينفريد هينسنجر أن تطوير جهاز كمبيوتر كمي قوي quantum computer أمر مستحيل، لكنه استطاع أن يثبت، في نهاية الأمر، خطأهم.
فقد ورد في تحقيق نشرته البي بي سي، بأن العلماء اقتربوا كثيرا من صنع كمبيوتر متعددة المهام، أقوى بكثير مما سبقه من أجهزة، بإمكانه الاستفادة من الصفات الغريبة للجسيمات دون الذرية، بحيث يمكن لهذه الجسيمات الكمومية أن تكون في مكانين في الوقت نفسه، حتى لو فصلت بينهما ملايين الأميال.
أجهزة الكمبيوتر الحالية تحل المسائل بطريقة خطية بسيطة، من خلال عملية حسابية واحدة في كل مرة. أما في عالم الكمبيوتر الكمي، فيمكن أن تكون الجسيمات في مكانين في نفس الوقت، ويريد الباحثون تسخير هذه الخاصية لتطوير أجهزة كمبيوتر يمكنها إجراء عمليات حسابية متعددة في نفس الوقت، بعد أن طور الفريق العلمي نظامًا قادرًا على نقل المعلومات من شريحة إلى أخرى بموثوقية تبلغ %99.999993 وبسرعات قياسية.
وأبدت «رولزرويس» تفاؤلها بالتكنولوجيا الجديدة، وستساعدها حتما في إنتاج محركات طائرات نفاثة أفضل بكثير.
كما ستتمكن أجهزة الكمبيوتر الكمومية من إجراء حسابات لا يمكننا إجراؤها حاليًا، وحسابات أخرى قد يستغرق الانتهاء منها عدة أشهر أو سنوات، بحيث تنجز في أيام قليلة.
ويمكن أيضًا استخدام هذه التقنية لتصميم الأدوية بسرعة أكبر عن طريق محاكاة تفاعلاتها الكيميائية بدقة، وهي عملية حسابية صعبة للغاية بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر العملاقة الحالية.
كما يمكن أيضًا توفير أنظمة أكثر دقة للتنبؤ بالطقس وتوقع تأثير تغير المناخ، من خلال كمبيوترات الكمومية!
***
تحدث كل هذه الثورات التكنولوجية في العالم، والتطورات المتسارعة في عالم الروبوتات، والذكاء الصناعي، و%90 من شعوبنا تبحث عن اللقمة والأمان، وتآكلها حتمي وقريب.
***
نجح «لي كوان يو» من انتشال شعب صغير يشرب من مياه المجاري، لأكثر دولة صناعية متقدمة وثرية، خلال أقل من نصف قرن، بفضل عامل واحد وهو «التعليم». وأمتنا وضعت التعليم برمته، مسؤولين، ومناهج ومدرسين، بيد واحد من أكثر الأحزاب الدينية تخلفا وتطرفا!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw