يا الماجد.. نستجوبك إن طبقت القانون!
هناك جهات حكومية معروفة لا تعمل أو لا تنتج تقريباً شيئاً، ومنها هيئة طباعة القرآن، التي لم تطبع نسخة مصحف واحدة طول أحد عشر عاماً، وهيئة الطرق، التي شلت عملها وزارة الأشغال على مدى سنوات، ثم لتأتي الوزيرة الحالية وتسحب موظفيها وصلاحيات إدارتها وتدفع مديرها ونائبه إلى الاستقالة. كما أن هناك جهات أخرى كدور تحفيظ القرآن، التابعة لوزارة الأوقاف، التي لا تتبع نظاماً معيناً في عملها، وتنتظر أن يأتيها من يريد أن يتعلم، وقد لا يأتي في اليوم التالي، أو يختفي كلياً، فلا نظام ولا دوام ولا ساعات مراجعة محددة، وأغلبية العاملين فيها من الراغبين في الحصول على راتب مجزٍ، مقابل القيام بعمل مريح، أو لا عمل!
***
لم يعجب «الحال المايل» في هذه الدور وزير العدل وزير الأوقاف، فقام بإصدار قرار فرض فيه أن تكون ساعات العمل فيها مطابقة لقرارات مجلس الخدمة المدنية، ومع نظام العمل العام في الدولة، الذي لا يقل عن 7 ساعات عمل!
ثارت ثائرة العاملين في هذه الدور، الذين بالكاد يحضرون لمكاتبهم، وإن حدث ذلك، فلساعتين أو ثلاث، وجميعهم تقريباً رتبوا أمور حياتهم على هذا الأساس، منذ سنوات، وتطبيق قرار الوزير يعني إحداث ربكة في نمط معيشتهم وراحتهم، وسيعرضهم مستقبلاً لخصومات في الراتب، بسبب الغياب!
لذا، تظاهر موظفو وموظفات الدار، واعتصموا، ومن المرات النادرة التي يعتصم فيها بعض موظفي الدولة للمطالبة بالسماح لهم بمخالفة القانون!
كما طالب هؤلاء ممثليهم في مجلس الأمة بالتحرك والضغط على الوزير وعلى أنظمة الوزارة وعلى ديوان الخدمة المدنية، ليتم استثناؤهم من الدوام المشابه لدوام 350 ألف موظف حكومي، واستثناؤهم من قانون الخدمة المدنية، واستمرار السماح لهم بالعمل لساعات ثلاث بالكثير، واستمرارهم في قبض رواتبهم كاملة، مثل الذي يعمل 8 ساعات في اليوم، في مواقع العمل الخطرة والمكشوفة وغيرها!
إلى هنا والوضع سخيف ومقلق وغير أخلاقي أبداً من جانب المحتجين!
ولكن ما زاد الطين بلة دخول أكثر من عشرين نائباً على الخط، ولمصالح انتخابية بحتة، لمؤازرة مطالب هؤلاء ضد وزير العدل وزير الأوقاف السيد عبدالعزيز الماجد، ولمطالبته بسحب قراره، وتهديده بالاستجواب، إن رفض مطالبهم، وإنهم سيستجوبونه حتى لو عاد وزيراً للأوقاف في الوزارة القادمة!
كما وصف هؤلاء النواب قرار الوزير بأنه يمثل «تضييقاً» على موظفي هذه الدور!! وهذا يمثل باعتقادي قمة التسيب والتراخي الحكومي في التعامل مع مثل هذا الخروج عن القانون «بكل بجاحة»، وقوة عين، فكيف يصف أكثر من عشرين مشرعاً تعديل نظام ما بأنه تضييق، ويهددون الوزير بالاستجواب إن رفض مطالبهم غير القانونية ولا المنطقية ولا الأخلاقية، فهل هذه ورشة أم دكان هذا؟
***
لا شك في أن عدد ساعات العمل، أو الدوام، لا تعني شيئاً، فالعبرة في الإنتاجية وليس في عدد ساعات العمل، وفي حالتنا في الكويت عدد ساعات التواجد في مقر العمل.
وإلى أن يتم تغيير هذا النظام لنظام أكثر واقعية وأكثر مرونة، فإنه من السخف مطالبة البعض باستثنائهم من دوام الساعات الثماني وجعله ثلاثاً فقط، فقط لأن المسألة دينية!
كما أنه من المعيب ما قام به البعض من إقحام أطفال في الشكوى من قرار الوزير المتعلق بتطبيق القانون، لأنه يحرمهم من رؤية أمهاتهم، وكأن أبناء الموظفين الآخرين من طينة أخرى؟!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw