الشمالي والمزيدي وساعات جنيف
غامر رجُلا الأعمال عادل الشمالي وطارق المزيدي بالدخول في مشروع رائد، تردد الكثيرون في المساهمة به، لكنهما أثبتا أن الإصرار يخلق النجاح ويبرز الطاقات.
بدأ مشروع «الحياة الخضراء» قبل سنة تقريباً، ويعد الأول في الزراعات الهوائية الذكية بالكويت، بدأ إنتاجه مؤخراً، ويهدف إلى توفير الخضار العالية الجودة باستخدام تكنولوجيا سويسرية، تقنية الأيروبونك.
يهدف المشروع إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وتجنّب مساوئ النقل الجوي والبحري والبري، وما ينتج عنه من انبعاثات كربونية، وتقليص استهلاك مياه الري بنسبة %97، وعدم استخدام أي مبيدات في الزراعة، ويوفر الخضار الطازجة طوال العام، ولا يحتاج هذا النوع من الزراعة إلا لعدد قليل جداً من الأيدي العاملة.
بهذه المناسبة، ومن منطلق اهتمام السفارة السويسرية بهذه التقنية الجديدة، قام السفير السويسري المميز، بالميللي، بدعوة المهتمين ونخبة من رجال المال والأعمال والدبلوماسيين لمشاهدة عرض يبين كيفية عمل هذا المشروع المميز، الذي نتمنى له، وللمشاريع المماثلة، سواء الزراعة الأفقية منها أو العمودية، النجاح لأسباب كثيرة، صحية وبيئية وأمنية.
***
في السياق نفسه تقريباً، قامت السفارة السويسرية، في يوم سابق لعرض مشروع «الحياة الخضراء»، باستضافتنا للاستماع إلى مصرفيين سويسريين كبار، وللقاء «صانع ساعات» سويسري، وكان لقائي به طريفاً بالفعل، خاصة بعد أن تساءلت عن سبب تركز صناعة أفضل الساعات وأغلاها، التي يعرفها العالم منذ عقود، في مدينة جنيف السويسرية، دون غيرها من مدن أوروبا، أو العالم، فكان هذا المقال.
***
ينظر إلى الألمان على أنهم أول من صنع ساعات الجيب. وفي الفترة نفسها، قامت أعداد كبيرة من أتباع كنيسة الهوغونوت huguenot البروتستانت، بترك فرنسا إلى مختلف دول العالم المتسامحة معهم، هرباً من اضطهاد الفرنسيين الكاثوليك لهم، وكان ذلك في نهاية القرن الـ17.
تركت هجرتهم فراغاً، فقد كانوا من أصحاب الخبرات الفنية العالية، والثروات العلمية والمالية، وقام من ذهب منهم إلى مدينة جنيف، بالمساهمة في تحويل المدينة إلى مهد صناعة الساعات العالية الجودة والقيمة.
استغرق أمر تطور صناعة الساعات في سويسرا قرابة الـ300 عام، ومع نهاية القرن الـ19 بدأت أميركا بإنتاج ساعات الجيب، وأصبحت تهدد مكانة سويسرا، قبل أن تتوقف الهيمنة الأميركية في مطلع القرن الـ20 مع تحويل مصانع الساعات فيها إلى مصانع أسلحة للحرب العالمة الأولى، قام في أثنائها السويسريون بالبدء بإنتاج ساعة ذات تقنية عالية، بسعر معقول، فظهرت علامات مثل longines وpatek philippe وvacheron constantin، وأصبح الأميركيون أكبر مشتريها.
مع السبعينيات، طوّر اليابانيون تقنية ساعات الكوارتز، الأرخص والأكثر دقة، وسيطروا تماماً على سوق الساعات، ففقد 60 ألف عامل ساعات سويسري عملهم خلال أقل من عقد من الزمن، قبل أن يأتي اللبناني السويسري نيكولاس حايك لينقذ صناعة الساعات السويسرية في الثمانينيات، من خلال تصميمه لساعة swatch، وهي ساعة كوارتز تغلّب فيها السويسريون على اليابانيين، ليعودوا للسيطرة على الساحة، ثم ليصبحوا أساتذة الفخامة في عالم الساعات.
كما دخلت الصين مؤخراً عالم صناعة الساعات، لكن ما زال أمامها طريق طويل قبل أن تطيح السويسريين.
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw