إنجيل «توتو» وهجرة الأعاجم

«... يظهر أن خطر هجرة الأعاجم إلى الكويت لن ينتهي بسهولة، وأن الأساليب التي يلجأ إليها هؤلاء الدخلاء في التسرب إلى داخل البلاد كثيرة، ومتعددة، ومما سمعنا عنه أخيراً، هو أنهم يفدون في سفن صغيرة تقوم بإنزالهم في جزيرة فيلكا، حيث يقيمون فيها قليلاً من الوقت، ثم يتسللون بواسطة سفن صيد الأسماك إلى الكويت، ويتراكمون في الدكاكين والعنابر أو في منازل بني جلدتهم هنا. فعلى المسؤولين أن ينتبهوا إلى هذا الخطر المحدق بهذا البلد العربي، وأن يزيدوا في تدابير خفر السواحل ومكافحة تهريب أعظم خطر يهدد أمن البلاد وصحتها وأخلاقها وكيانها القومي ومستقبلها!».
***
«.. نحن إذ نطالب بصد هجرة الإيرانيين، لا نقوم بذلك لكون هؤلاء قد اغتنموا فرصة ضعفنا فسلخوا جزءاً عزيزاً من وطننا، وهم يعدون عدتهم لابتلاع أجزاء ثانية من الوطن العربي .. (وبقية مطالباتهم في الخليج) .. ويحاولون أن يغرقوا الكويت بسيل الهجرة. نحن لم نبدأ بالعداء، بل هم الذين تعدوا علينا، ونالوا من كرامتنا، وما زالوا يبيتون لنا كل مكروه. أنلام إذن عندما نحاول الدفاع عن كياننا؟ عن حقنا في أن نحيا حياة كريمة؟ أيعتبر موقفنا هذا عدائياً؟».

وردت الفقرتان أعلاه في مجلة «الإيمان»، التي كان يشرف على تحريرها أحمد السقاف، أحمد الخطيب، يوسف إبراهيم الغانم، ويوسف المشاري، قبل سبعين عاماً، في عددي أبريل ومايو 1953.
***
يقول القس، الجنوب أفريقي desmond tutu «ديسموند توتو»:

when the missionaries came to africa they had the bible and we had the land. they said ‹let us pray،we closed our eyes. when we opened them we had the bible and they had the land!

عندما جاء المبشرون إلى أفريقيا، كان لديهم الكتاب المقدس وكانت لدينا الأرض.

قالوا لنا: دعونا نصلي. أغمضنا أعيننا، وعندما فتحناها كان الكتاب المقدس بأيدينا، وكانت الأرض بأيديهم!
***
في حالتنا، انشغلنا بمن نعتقد أنهم أعداؤنا، فأغمضنا أعيننا عن باقي الأخطار، ففوجئنا بغزو ابن العم، أو الشقيق، لوطننا، وعندما تخلصنا منه، وأغمضنا أعيننا، اطمئناناً بزوال الخطر، ثم فتحناها، وجدنا أن أعدادنا، كشعب، قد زادت بأضعاف أضعاف نسبة توالدنا الطبيعي!
***
لست في معرض التقليل من خطر إيران، ولا الدخول في جدال حول الموضوع، فقد نالني شخصياً من نظامها ما يكفيني، لكن الأعداء المتربصين بنا بقوا كما هم، فليس كل من يطبطب على ظهرنا يريد بالضرورة الخير لنا، ولا كل من نعتقد أنه عدو لنا يتمنى الشر لنا. فقد وقفت إسرائيل وإيران معنا، في أسوأ محنة تعرضنا لها خلال الاحتلال الصدامي، ووقفت الشقيقات، وبالذات التي كانت لها الحصة الأعظم من مساعداتنا الخارجية، ضدنا، وسعوا ودعوا وصلوا لفنائنا!
***
إن العدو الخارجي معروف، ويمكن الاستعداد لكل احتمالات المواجهة معه، سواء بتقوية الجبهة الداخلية، أو بعقد التحالفات مع القوى العظمى. أما الطابور الخامس، أو العدو الداخلي، غير المرئي، فهو الذي يمثل اليوم الخطر الحقيقي، فهو غير مرئي ويعيش بيننا، وبينهم أعداد كبيرة من منعدمي الولاء والضمير، ومزوري الانتماء، الذين يسعون بقوة إلى تفريغ المجتمع من مضمونه وتراثه وثرواته، وأعداد هؤلاء في تزايد كبير، ومنهم تجار مخدرات، وناشرو فساد، وأولئك المتسللون الحقيقيون الذين يسعون إلى الاستيلاء على كل شيء، من أتباع بعض الأحزاب الدينية، ممن يدينون بالولاء لقوى خارجية، سبق أن أقسموا يمين الطاعة والولاء لها، وليس لقيادة «دولتهم»! ولقد شاهدنا جميعاً، خلال احتفالات بعض الفئات بانتصار ممثليها في الانتخابات الأخيرة، كيف اكتفت برفع «أعلامها الخاصة»، ولم يكن لعلم الدولة مكان!

ملاحظة: سنغيب لشهرين في إجازة طويلة خارج الوطن، وستستمر المقالات، من دون توقف.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top