الأريتري أبو مراد والدار الصحافية

عمل «العم» أبو مراد، البالغ من العمر سبعين عاماً، في الكويت قبل الغزو، وبقي فيها خلال محنتها الكبرى، وبعد التحرير التحق بالعمل لدى «دار صحافية معروفة»، في عمل متواضع، وراتب أكثر تواضعاً، واستمر في عمله الشاق حتى إغلاق صحف الدار بأوامر إدارية.

كان أبو مراد يعتمد في معيشته على راتبه البسيط، وما كان يحصل عليه من عمولات قليلة بعد تحصيله لمديونيات الدار على الغير. وعندما جاء وقت تحصيل ما له على الدار لم يجد من يلبيه!

كان أبو مراد، الذي أفنى عمره في الكويت، يحلم بالعودة إلى وطنه أريتريا، معتمداً على ما تجمع لديه من «نهاية الخدمة» لدى الدار، لكنه فوجئ عام 2015 هو وغيره من العاملين فيها، من عمّال وموظفين، بصدور قرار تسريحهم من دون أي تعويضات نهاية الخدمة أو رواتب، وأخبروهم بأنه ليست لدى الجريدة قدرة على دفع مستحقاتهم، وما عليهم غير اللجوء إلى القضاء.

وهكذا لجأ مراد وزملاؤه المتضررون من إغلاق الدار إلى القضاء، وكلفهم ذلك الكثير من الوقت والجهد، وفي النهاية صدرت الأحكام التي طال انتظارهم لها لسنوات، وكان نصيب العم أبو مراد 12 ألف دينار من أصل مطالبة بلغت 17000 دينار، بعد قيام إدارة الخبراء بخصم بعض المبالغ من مطالبته.

قبل أبو مراد ورفاقه بالأحكام النهائية والباتة، وذهبوا ثانية إلى أصحاب الدار مطالبين بتنفيذ الأحكام، فلم يلقوا منهم تعاوناً أو تجاوباً، على الرغم من علمهم بأن حقوق العامل تدفع قبل أي حقوق ولا تسقط بالتقادم، وهي في ذمتهم إلى الأبد.

ما زال أبو مراد، وبقية رفاقه الذين لديهم أحكام نهائية، منذ ثماني سنوات، بانتظار الحصول على حقوقهم، وتنفيذ الأحكام الصادرة من «محاكم الكويت العادلة» لمصلحتهم. ويعيش غالبيتهم في ظروف صحية ومالية صعبة جداً، ويصعب عليهم جداً العودة إلى أوطانهم خالي اليدين، وهم الذين قضوا زهرة حياتهم في العمل بكل إخلاص وأمانة في الكويت.
***
نهيب بأصحاب الدار، المعروف عنهم الثراء الواسع والكرم، فك ضائقة هؤلاء والوصول إلى تسوية معهم، علماً بأن أعدادهم ليست كبيرة، وما يطالبون به هو حق لا يسقط بالتقادم، ولا تشكل في مجموعها شيئاً بالنسبة إلى ما هو معروف عن ثرائهم، لكنها تعني «كل شيء» لهؤلاء المساكين، والتفاتة رحيمة لقضيتهم ستكون مصدر سعادة كبيرة لهم ولأسرهم.

أحمد الصراف

a.alsarraf@alqabas.com.kw

الارشيف

Back to Top