الكلب.. والوهم الأصغر
هناك عداء مستحكَم ضمن سطور تقاليدنا وتراثنا وتصرفاتنا لكل ما له صلة بالكلب، الذي يكاد يكون الحيوان المستأنَس الوحيد الذي يعتبر «نجساً»، إضافة إلى الخنزير المظلوم أيضا. ولو قارنا وضع بقية الحيوانات المستأنسة لوجدناها أقل فائدة وأكثر قذارة وضررا من الكلب والخنزير، ومع هذا لا نشعر نحوها بالعداء نفسه، فالخنزير، الأقرب في تركيبة جيناته للإنسان، وأجزاء منه تحتل مكانها المشرف في أجساد عشرات ملايين البشر، ومنهم مرضى مسلمون، هو الذي يُستخدَم اسمه عندما نود إهانة الآخر، وكذا مع الكلب، ولكننا في الوقت نفسه لا نشتم أحدا بوصفه بقط أو جحش، والذي يُطلق على الصغار أحيانا.. تحببا، علما بشبه انعدام فائدة هذين الحيوانين وغيرهما من حياتنا، عدا البقرة ربما! كما يستنكف الكثيرون وجود الكلب بينهم، دع عنك لمسه أو اللعب معه. ويعتقد آخرون، كما ورد في كتاب طبعه النائب خالد السلطان على نفقته في بداية تشدده في السبعينات، أن الكلب الأسود بالذات يُبطل الصلاة إن مر أمام من يصلي! علما بأن أبحاثا علمية جديدة كشفت أن الكلب هو الحيوان الوحيد، إضافة إلى الخنزير، الذي تتعاظم أهميته في حياتنا يوما بعد يوم، بصرف النظر عن لونه، حيث ينصح الذين يعانون الوحدة، أو من يعيشون في مناطق نائية باقتنائه. كما أن له دوره المهم في كشف بعض الجرائم وتهريب المخدرات والكشف عن القنابل. أما دوره في مساعدة آلاف المرضى فهو في تعاظم مستمر، فقد تمكن العلماء، بمساعدة مدربي كلاب متمرسين، من الاستفادة من قوة الشم لدى الكلب، والتي تعادل مائة ضعف ما لدى الإنسان العادي، من الاستدلال أو التعرف على بعض الأمراض قبل وقوعها أو استفحالها، وذلك من خلال تعرف الكلب على التغيرات الكيماوية التي تحدث داخل جسم الإنسان نتيجة إصابته بمرض ما والقيام بإنذاره بطريقة ما بتلك التغيرات ليتمكن من أخذ الاحتياطات أو الأدوية، أو اجراء الفحوصات في الوقت المناسب. كما أن بإمكان بعض الكلاب التعرف مبكرا على إصابة شخص ببعض أنواع السرطان من رائحة بوله. كما يعتمد الكثير من المصابين بمرض السكر على كلابهم في لفت نظرهم لارتفاع او انخفاض نسبة السكر لديهم. وكل هذه المزايا «الكلبية» شجّعت مرضى عديدين على مغادرة بيوتهم، والعيش بطريقة طبيعية، بعد أن اطمأنوا إلى أن كلابهم ستكون بجانبهم لمساعدتهم وقت الحاجة. وللمهتمين في هذا الموضوع الرجوع للإنترنت للحصول على مواصفات وعناوين مثل هذا النوع من الكلاب.
والآن، كم هو مقدار ما لدينا من أفكار ومعتقدات تحتاج لإعادة النظر؟ لقد عاش الإنسان ملايين السنين وهو يعتقد بأن الأرض مسطحة، وعاش أقل من ذلك وهو يعتقد بأنها مركز الكون، وفجأة جاء من ينسف كل ذلك بكشف عظيم، ولكننا «تواقحنا» وأصررنا على التمسك بسابق اعتقادنا الى أن عجزنا، ولم يكن أمامنا غير الإقرار بصحة تلك الاكتشافات، ولكن بعد 400 عام من التياسة.. نسبة الى التيس!