نقاطعهم.. أم نسمع كلام البخيتي؟
تختلف أولويات الإنسان، من حيث الأهمية، من شخص إلى آخر، متأثرة بالقيم والمعتقدات الشخصية والثقافة والبيئة التي يعيش فيها. ومع ذلك، هناك بعض الأولويات المشتركة بين الأغلبية، مثل السلامة والأمان، والصحة والرفاهية، والتواصل والتفاعل مع الآخرين، والتعلم والتطور الشخصي، وإنجاز وتحقيق الأهداف والأحلام.
***
تعرضت بضع دول أوروبية مؤخراً لوابل من قذائف النقد والهجوم لمواقفها من بعض رموز المسلمين، ولطريقة التعامل المفرطة في عنفها التي اتبعتها الشرطة مع مخالفي القوانين أو المتظاهرين، ووصف الأوروبيين عموماً باللا أخلاقيين والمنحلين، وإظهار قدر كبير من الكراهية والعداء لهم، وبالذات للدول الأكثر كرماً مع المهاجرين العرب المسلمين، الذين لم يخفوا يوماً رغبتهم في السيطرة على الأوضاع السياسية للدول التي هاجروا إليها، بأية طريقة مشروعة أو عكسها، والسعي الحثيث إلى الإكثار من أعدادهم، علماً بأن تخطي أعدادهم نسبة الـ%10 سيمثل خطراً حقيقياً على طريقة حياة الأوروبي، وعلى مبادئها الليبرالية وقوانينها وطريقة حياتها العلمانية، أو اللادينية بالأحرى.
في سعي بعض المسلمين لتحقيق هدفهم في التكاثر، فإنهم لا يتورعون عن ارتكاب مختلف المخالفات، وحتى «الجرائم» بحق الدول التي آوتهم، وكل ذلك تحت غطاء الدين، كتكرار الزواج والطلاق مرات عدة، للحصول على مساعدات الدولة الاجتماعية السخية للأولاد والمطلقات، وزيادتها من خلال إنجاب أكبر عدد من الأبناء، في محاولة شريرة لا تعرفها الأقليات أو الجاليات الأخرى، وبالذات غير العربية وغير المسلمة، وهذا فقط باب من أبواب الاستفادة من الثغرات في قوانين تلك الدول، ولن يطول الوقت قبل أن تكتشف هذه الألاعيب وتتوقف عن كرمها، أو منح جنسيتها لهؤلاء المهاجرين!
لكن يبدو أحياناً أن الوقت أصبح متأخراً، فاندماج هؤلاء المهاجرين، المؤدلجين بسذاجة مفرطة، في مجتمعاتهم الجديدة أصبح عملية شبه مستحيلة، وسيتورطون قريباً في أعمال تخريب غير مسبوقة في عنفها، مع غياب حكومي شبه كامل عن رقابة ما يجري في مدارس المسلمين العرب، وما يتلقونه من دروس دينية في المساجد والنوادي، حتى الرياضية منها.
ما لا يعرفه بعض الجهلة المهووسين دينياً، في مجتمعاتنا، أن الدعوة لمقاطعة دول كفرنسا والسويد سوف تنعكس سلباً على ملايين العرب المسلمين، الذين يعيشون في هاتين الدولتين، هذا بخلاف عجزنا أصلاً عن تطبيق مقاطعة فعّالة، لأننا لسنا أهلاً لها ولا قدرة لنا عليها! كما أن أغلبية الدول الخليجية تستثمر فوائض أموالها في الشركات الأوروبية الكبرى، وستكون من أوائل المتضررين من أية مقاطعة!
***
يقول المفكر اليمني علي البخيتي:
يهربون من بلاد الإسلام أفواجاً إلى بلاد الكفر، فيؤمنونهم من خوف ويطعمونهم من جوع، ويسكنونهم من برد ويعالجونهم من مرض ويعلمونهم من جهل، وعندما يشتد عودهم يتظاهرون مطالبين باحترام ثقافتهم المتخلفة التي فروا من أوطانهم بسببها!
***
بالعودة إلى المقدمة التي تعلق موضوعها بأولويات «الإنسان السوي»، نجد أن الدول الأوروبية توفر كل هذه الأولويات، سواء لمواطنيها أو لمن هاجروا أو لجأوا إليها. في الوقت الذي لا تكتفي فيه الدول التي هاجروا أو هربوا منها، بحرمان من هاجر أو لجأ إليها من أية أولويات، بل وترفضها حتى لمواطنيها!
أحمد الصراف
a.alsarraf@alqabas.com.kw