يا وزيري.. ارحمني!!
تقول القارئة عبير انها لاحظت بكل أسف مدى تجاهل الدولة لوضع حساس وذي بعد ديني وإنساني عميق، وهو المتعلق بمجهولي الأبوين، وما تبذله مجموعة صغيرة جداً من السيدات الواعيات في المجتمع من جهد للتفاعل مع مشكلتهم وتقديم يد العون لهم ولمن يرغب في تبنيهم. وقالت انها سعدت لقيامي بالتصدي للمشكلة، وطالبتني بعدم التوقف عن الكتابة عنها بسبب كل التقصير واللامبالاة اللذين تتبعهما أجهزة وزارة الشؤون، سواء ما تعلق بطول فترة انتظار الحاضن أو المتبني لطفل مجهول الأب والأم، التي قد تمتد لأشهر فقط لكي تتفضل باحثة اجتماعية لزيارة منزل طالب التبني لتكملة المعلومات المطلوب ادراجها ضمن الطلب، وهو تأخير غير مبرر، مع كثرة الموظفات في القسم! وقالت انه اضافة لذلك فإن لجنة البت في طلبات التبني أو الاحتضان، لا تجتمع عادة سوى 4 مرات في السنة، واحيانا 3، وعادة لا يسمح لها وقتها، بسبب انشغالها بقضايا أخرى، بالبت في كل الطلبات. وتضيف عبير أن الدولة لا تقوم عادة بمساعدة الحاضن ماديا، خوفا من استغلال المسألة، وهذه تصب في مصلحة الطفل المحتضن أو المتبني لكي تتوافر له فرصة العيش ضمن مناخ طبيعي يعرف من خلاله معاني الحب والحنان وتلبية احتياجاته النفسية التي يفتقدها بشدة في دور الرعاية، التي تعج بأشكال وألوان من المشرفين والعاملين من كلا الجنسين، الذين يتناوبون على «رعايته» على مدى 24 ساعة في ثلاث ورديات يوميا، كل على طريقته ومزاجه، هذا غير حالات التعدي جسديا وجنسيا على هؤلاء، التي تكتشف بين الفترة والأخرى!
وقالت سيدة أخرى، مهتمة بقضية هؤلاء الأطفال، ان الوزارة أوقفت منذ 3 سنوات اعطاء الأوراق الثبوتية لهؤلاء، مثل شهادة الميلاد والجنسية والمدنية، وهذا يعني ببساطة أن الدولة، ممثلة بوزير الشؤون، تساهم في خلق «اطفال بدون»، وتزيد بالتالي من حجم مشكلة البدون، وهذا المنع يصعب كثيرا من سهولة احتضان او تبني هؤلاء الأطفال.
ان وزير الشؤون، المعروف بمواقفه الطيبة، مطالب بتشجيع الاحتضان وتذليل العقبات أمام الحاضنين لاتاحة الفرصة أمام عشرات الأطفال الموجودين في دار الرعاية لأخذ فرصتهم بانتشالهم من بيئتهم الكئيبة، التي يحاول بعض «المسؤولين» بهرجتها لاستمرار استغلالهم أوضاع هؤلاء، فهدف دور الرعاية ليس تكديس الأطفال لديها وتعريضهم لمختلف المؤثرات السلبية في بيئة غير طبيعية، بل رعايتهم لفترة قصيرة ومن ثم تسهيل دمجهم في المجتمع ليصبحوا مواطنين قادرين على العيش بصورة طبيعية كغيرهم. كما أن اضطرار البعض للانتظار لفترة تزيد على 4 سنوات للبت في طلباتهم بتبني طفل عملية غير مجدية، فهذا أدى في حالات كثيرة الى تغيير المتبنين لرغباتهم بعد كل ذلك الانتظار، وبعد أن يصبح الطفل في سن غير ملائمة، ويكون قد تأثر نفسيا وعقليا بصورة سلبية، نتيجة أجواء دور الرعاية غير المناسبة.
فهل يجد هؤلاء عند وزير الشؤون.. والعدل حلا عادلا؟ نتمنى ذلك!
***
ملاحظة: لا أميل للعسكر، فقد نكبنا بما يكفي منهم، ولكن ما يجري على الساحة المحلية في هذه الايام من دعوات للاعتصام في مختلف الساحات وتشكيل المسيرات، التي تقف خلفها قوى تصف نفسها بـ«الشعبية»، يعتبر كارثة امنية وسياسية واقتصادية، وأجد نفسي مجبرا على تأييد اجراءات الداخلية في التعامل مع هذه المظاهر المخربة، التي تهدف الى تحقيق مآرب بعض النواب الذين اختاروا نقل خلافاتهم مع رئيس الحكومة الى الشارع، بعد ان خذلهم زملاؤهم، وندعو هنا الى تعاون الجميع مع القانون وعدم المشاركة في الاعتصامات والتجمعات والمسيرات التي دعت اليها قوى التخلف والردة والتعصب الفئوي.