كارثة التموين وجيب المواطن
كان غير المسلمين، أيام نشاط شركة كريماكنزي البريطانية، يحصلون على حصتهم الشهرية من المشروبات؛ ليقوم بعضهم تالياً بالتصرف بها للمسلمين من مواطنين وغيرهم.
واليوم يتسلم المواطن المسلم حصته الشهرية من شركة التموين، ويقوم ببيعها لغير المواطن، وأيضاً بربح مجزٍ، وتسبب ذلك في زيادة الأعباء الملقاة على عاتق رجال الأمن، حيث زادت في الفترة الأخيرة وتيرة تهريب المواد الغذائية المدعومة إلى خارج البلاد، ووصل المُصادر منها، في المنافذ، إلى عشرات الأطنان شهرياً، بعد ضبطها داخل حاويات مصدرة إلى الخارج أو داخل أمتعة شخصية أو شاحنات.
***
تهدف شركة التموين لتوفير «الضروري» من المواد الغذائية للمواطن بسعر التكلفة، تخفيفاً لأعباء الحياة عليه، ثم توسّع عملها لتوفير حتى غير الضروري من المواد، وقد يصل مستقبلاً لتوفير السيجار والكافيار، بعد أن وفرت للمواطن حتى السلمون المدخن والزبيدي!
حققت الشركة شيئاً من أهدافها لفئة قليلة نسبياً من متواضعي الدخل من المواطنين، لكنها تسببت في المقابل في الإضرار به وبغيره بشكل كبير، حيث نشرت الفساد وخربت النفوس، وأصبح حتى من ليس بحاجة إلى ما توفره الشركة من مواد يقوم بتسلّم حصته من «الراشن» لبيعها لمن يقوم بالاستفادة منها أو تهريبها للخارج!
تقوم الشركة بتوفير عدد من المواد الضرورية، كالأرز والسمن والسكر والدجاج وحليب الأطفال، مع مواد غير ضرورية كالأسماك والربيان، حتى الجاف منه، وعشرات أنواع الشاي، إضافة إلى كاسات الأجبان وغيرها.
الطريف، أو المؤسف في الموضوع، أن أخبار القبض على العصابات التي تتاجر أو تهرّب المواد المدعومة مقتصرة على صور وأسماء مقيمين، ولا شيء عن المواطنين الذين قاموا ببيعهم تلك المواد، ولا حتى الأحرف الأولى من أسمائهم «المقدسة»، على الرغم من أن «الداخلية» تفيدنا دائماً بأنها ستضرب بيد من حديد على رقاب من تسوِّل لهم نفوسهم العبث بأمن الوطن واقتصاده.
بسبب انتشار الفساد من البعض في شركة التموين، فقد أصبح العاملون كافة في مراكز وأفرع الشركة، وعددهم بالمئات، محل شك في أنهم يهربون تلك المواد وبيعها لتجّار «هارودس الجليب» أو للمهربين، خصوصاً أن هناك عشرات آلاف بطاقات التموين الملغاة أو المفقودة، التي ربما استغلها البعض لصرف المواد والمتاجرة بها تالياً.
في مقترح لوقف الفساد، طالب رئيس إحدى النقابات بضرورة توظيف كويتيين في أفرع التموين، بدلاً من «الأيانب،» متناسياً أن خراب طرق الدولة، مثلاً، وغير ذلك من فساد، كان وراءه كويتيون، من أصحاب الذمم الخربة، وما أكثرهم. فالمشكلة ليست في كويتي شريف وغيره فاسد، بل في ثقافة مجتمع أصبح منذ الصغر يعتبر الغش في الاختبارات المدرسية، مثلاً، شطارة وأمراً مقبولاً، فلماذا يكون تهريب علبة حليب بودرة مشكلة؟
الحل في إغلاق الشركة وتصفيتها، وإضافة ثمن حصة الأسرة إلى راتب المتقاعد!
أحمد الصراف