حزب الإخوان واصطياد الخنازير البرية
سأل الأستاذ طلبته: ماذا تعرفون عن كيفية اصطياد الخنازير البرية؟ فأجاب قائلاً: يتم ذلك بإيجاد مكان مناسب في الغابة، ووضع ذرة على الأرض، ستجد الخنازير الذرة، وتعتاد على القدوم كل يوم لتناولها، بعدها نضع سياجاً على أحد جوانب المكان الذي وضعنا فيه الذرة. في البداية، ستشعر الخنازير، الحذرة بطبعها، بالخوف من السياج، لكنها ستعتاد عليه مع الوقت، وتعود لتناول الذرة، ثم نضع سياجا ثانياً، وستنتبه له الخنازير، لكنها ستعتاد عليه، وتستمر في التهام «طعامها السهل واللذيذ»! ونستمر في وضع السياج في الجوانب الأخرى للمكان، ونترك بوابة يسمح لها بالدخول منها لتمر عبرها وتأكل الذرة، هنا يتم غلق البوابة عليها!
ستصاب الخنازير البرية بالهلع، عندما تعرف أنها فقدت حريتها، وستتراكض في جوانب المكان، لكن سرعان ما سيدفعها الجوع، أو الطمع، إلى الانشغال بأكل الذرة «السهلة واللذيذة»!
حدث كل ذلك لها لأنها اعتادت على السهل من الأمور، وتخلت عن حذرها، وضحّت بحريتها مقابل «الفتات»، وقبلت بالأسر، فكان مصيرها.. الذبح!
***
ما يحدث مع بعض الشعوب من بعض الحكومات، وغالباً بتشجيع من أحزاب دينية، هو مقارب للطريقة التي تمت بها السيطرة على الخنازير البرية! حيث يتم التضييق على حريات الأمة في مجال ما، فيتم رمي الفتات بعدها للأمة لإشغالها إما بزيادة حصص الإعاشة المجانية، وخفض أسعار الكهرباء المدعومة، وزيادة الإعفاءات الضريبية، ومنح القروض الحسنة وغيرها من العطايا، فتنشغل الأمة بها عن قضايا كبت الحريات، وتعيين غير الأكفاء في مناصب حساسة، فينشغل الجميع بتناول «حبات الذرة الوفيرة والسهلة، والمجانية»!!
***
يجب علينا أن نتذكّر دائماً حقيقة مهمة وبسيطة:
ليس هناك شيء اسمه «وجبة غداء مجانية» no free lunch، فكل ما يعرض عليك من دون مقابل، يتضمن عادة «مقابلاً مخفياً»، لا تراه بسهولة!
تعود قصة هذا القول إلى ما كانت تتبعه بعض الصالونات في أميركا من تقديم وجبة غداء «مجانية» للعملاء، شريطة قيامهم بشراء قدح شراب واحد، على الأقل. ما لم يكن رواد الصالون يعرفونه أن الطعام، الذي كان يقدم لهم يتضمن غالباً نسبة عالية من الملح، كاللحوم المقددة، فينتهي بهؤلاء الباحثين عن غداء مجاني، وبسبب شعورهم بالعطش، إلى شراء أكثر من قدح من الشراب، وهنا يحقق الصالون ربحاً يزيد على ثمن الغداء الذي قدمه مجاناً!
قال ماركس يوماً: أزيلوا حرية واحدة في كل جيل، وخلال أجيال قليلة لن تتبقى أية مظاهر للحرية، ولن يلاحظ ذلك أحد.
***
قامت الإمارات، مشكورة، بمنح جنسيتها لمن كان يقيم في الكويت بوضع «بدون»، ولم تخف سرورها بالحدث.
بسبب الوضع الحساس لدينا، وتأثير أية عملية تجنيس كبيرة على الوضع الداخلي، وهي مشكلة لا تعاني منها الشقيقات، لِمَ لا يتم تكاتف الجميع ومساعدة الكويت في حل معضلتها مع البدون؟
أحمد الصراف