الاستقالة المستحقة لـ«بوقماز»
هنالك مقولة لبنانية طريفة تقول: «كل شيء عنا (زفت) إلا الطرقات»!
والحقيقة أن طرقات لبنان، مع كل مآسيه، أفضل من طرقاتنا!
***
الشتاء يقترب، وموسم الأمطار قادم، وطرقاتنا في حالة يرثى لها، وستصبح أكثر سوءاً، وكأن لا أحد في الوزارة أو هيئة الطرق معني بالأمر، ولا بمعاناة المواطن والمقيم، ولا حتى بمعاناتهم «هم» أيضاً، التي ستزداد في القادم من الأيام، مع عدم اكتراث حكومي شامل يدعو إلى الخجل، فمن المحال في كل الأحوال الانتهاء من أعمال صيانة الطرق، هذا إن بدأت، قبل موسم الأمطار القادم! لهذا طالب الزميل بدر البحر، في مقاله الأخير، باستقالة وزيرة الأشغال، بعد سلسلة إخفاقاتها وأخطائها الكبيرة، ساخراً من اجتماعها بسفراء دول عظمى، وكأنها ستناقش معهم موضوع ضربة عسكرية، وليس لمناقشة مكونات خلطة أسفلتية!
كما تبيّن جلياً عجز الوزيرة وقلة قدراتها من واقع ما ذكرته في اجتماعها بلجنة المرافق البرلمانية، حيث انقلبت على سابق تصريحاتها بطرح الممارسات على شركات عالمية بشكل مباشر، من دون وكيل محلي، ليتبيّن، بعد تقديم العطاءات، أن جميعها تقريباً لها وكلاء محليون، وأغلبيتها متعثّرة. كما اعترفت بأن كل طرق الدولة أصبحت الآن بلا عقود صيانة، بانتظار البت في الممارسات الجديدة (التي وعدتنا بالانتهاء منها في منتصف شهر 7، ونحن الآن في شهر 10، ولا أمل يبدو في الأفق)!
كما صدمتنا الوزيرة غير الخبيرة بردها على سؤال أحد النواب، في ما يتعلق بخلطة الأسفلت المعتمدة لدى «الأشغال» منذ عام 2019، حيث أجابت بأنه لا علم لديها بمدى جودتها، وأنها ضمّنتها مستندات ممارسات الطرق الجديدة، وضيق الوقت منعها من الاطلاع عليها!
وعند سؤالها عن مصدر العمالة التي ستنفذ أعمال الممارسات والمعدات المستخدمة في إصلاحات الطرق، أجابت بعدم علمها، وان من الممكن للشركات الأجنبية الاستعانة بما يتوافر من عمالة محلياً، أو جلب عمالتها الخاصة من الخارج، مع المعدات والآلات، وهذا سيأخذ أشهراً عدة طبعاً، إن بدأ العمل، وطبعاً كلامها يخالف كل سابق تعهداتها، ويؤكد كل الشكوك، التي ذكرناها في مقالات سابقة، بأن ما وعدت به يستحيل تطبيقه، في الأطر الزمنية التي حددتها.
وفي سؤال عما ستفعله إن رفضت بقية الشركات «المختارة والختيارة» تخفيض أسعارها، ردت بأن «الأشغال» ستلغي الممارسات وتطرحها من جديد، وقد تلجأ إلى الاستعانة بعقود الشركة الأميركية لبعض حالات الطوارئ في المحافظات الأخرى، وهذا كلام فارغ، ويعني تأخيراً أكثر وأكثر.
مؤسف، إلى حد العويل، بقاء هذه الوزيرة في منصبها. وعلى ضوء المخالفات والتجاوزات التي ترفل بها الوزارة من الضروري التفكير جدياً في إعادة موضوع الطرق إلى هيئة الطرق، فهي الجهة المتخصصة أكثر من غيرها في هذا الموضوع، وبعيداً عن السياسة، شريطة تعيين شخصية قوية ونزيهة لإدارتها!
***
نثني على الثناء الذي ورد في مقال سابق للزميل بدر البحر، من أن الكويت عرفت جودة الطرق أيام شركة مساعد الصالح وأولاده، ومثيلاتها من الشركات، وبالذات في عهد الوزير الراحل حمود النصف.
للعلم، هذه الشركة الجميلة لا تزال تعمل، وإن بروح وصبغة جديدتين، وباسم مختلف.
أحمد الصراف