الريحاني والصواغ
تاريخيا، ولأسباب بعضها ديني، لم يعرف العرب فن كتابة الرواية حتى عام 1914، عندما أصدر محمد حسين هيكل روايته «زينب»! ومع بداية ثلاثينات القرن الماضي بدأت روايات عبدالقادر المازني وطه حسين وتوفيق الحكيم وغيرهم بالانهمار. ولكن «كتاب خالد» كان أول رواية يكتبها عربي باللغة الانكليزية، وكان ذلك عام 1911 للشاعر والرحالة الاميركي اللبناني أمين الريحاني، الذي هاجر عام 1888، وهو في الحادية عشرة الى نيويورك، والذي عاد لوطنه بعدها، وجاب دولا عربية عدة، وصادق زعماءها ومنهم ابن سعود.
وبمناسبة مئوية «كتاب خالد» قامت جين أوبريان، مراسلة الـbcc في واشنطن، باجراء تحقيق عن أمين الريحاني، الذي توفي عام 1940، تطرقت فيه لروايته، وقابلت افرادا من عائلته ومن المعجبين به، وقالت إنه كان يقرأ المستقبل، فأحداث الرواية تشبه كثيرا ما يجري حاليا من ثورات وانتفاضات شبه كاسحة في شوارع ومدن العرب، وقالت إن قصته تمحورت حول أخوين لبنانيين هاجرا الى اميركا، تأقلم الأول مع محيطه، وفشل الثاني بالرغم من حياة البوهيمية التي عاشها، فاضطر إلى العودة لوطنه الذي لم يتحمل البعد عنه. وتتطرق الرواية لتعقيدات العلاقة الاميركية العربية في تلك الأيام، وكيف أثرت القيم الاميركية في العرب ودفعتهم للثورة على العثمانيين، لتنتهي الرواية بتظاهرات يقودها خالد، اللبناني، في شوارع دمشق! وكيف أن هذه العلاقة الغريبة بين أحداث الرواية وما يجري أعطت الرواية نكهتها بتطابق نظرات الريحاني وآرائه، من خلال أحداث الرواية، مع رفض الشباب للدكتاتورية والتسلط والظلم وانتهاك حقوق الانسان، في اشارة لأحداث ميدان التحرير بمصر وغيرها من العواصم العربية. وقال أحد اقرباء الريحاني إنه كان يطالب دائما بتجسير العلاقة بين الشرق والغرب، وكان يرى في نفسه الطرف الأنسب في تلك المهمة، وأن أعماله التي تركها خلفة بينت بالفعل توجهاته الوطنية، ويقول السفير كلوفيس مقصود إن البذور التي زرعها الريحاني في مجمل كتاباته قد بدأت تعطي ثمارها، وبصرف النظر عن اي شيء فان «كتاب خالد» أصبح أكثر صلة بواقع أوضاعنا اليوم.
***
ملاحظة: لا يزال الكتاب وبعد 100 عام من صدوره بغير ترجمة عربية، فالكتب الدينية والطبخ والسحر أولى بالأهمية، ومن يقل غير ذلك يعدم، انسجاما مع طلب النائب الصواغ!