لحظات السعادة القليلة
ربما من الصعب حصر اللحظات التعيسة أو المؤلمة التي مررت بها شخصيا على المستوى العام، وملايين غيري، في نصف القرن الماضي، بسبب كثرتها، ولكن أعتقد أن من السهل حصر اللحظات السعيدة أو المبهرة، لقلتها. وبالتالي أعتقد أن تحرير وطني من احتلال عراق صدام كان الخبر المفرح الأهم في حياتي وحياة الكثيرين غيري. كما كان العثور على صدام حسين وتنفيذ الحكم شنقا به كمجرم أمرا مفرحا جدا، وثالثا تتالي الثورات العربية التي رفعت من جرعة الأمل في نفوسنا المتعبة من كثرة الهزائم، والآن أتى خبر العثور على الهارب ابن لادن وقتله، فهذا الرجل لم يكتف بإلحاق أفدح الأضرار بممتلكات وأرواح شعوب الدول التي يعتقد بكفرها ولا يتردد في استخدام كل منتجاتها والتنعم بكل خيراتها، بل امتد شره لذويه فحطم السلام الداخلي والخارجي لملايين المسلمين في الغرب، واضر ببني وطنه وامتدت شروره لتشمل الكويت وأندونيسيا وقطر والأردن والصومال واليمن والعراق، التي قتل تنظيمه أكثر من عشرة آلاف من مواطنيها، غالبيتهم من الأبرياء!! يموت هذا الشخص وفي رقبته جريرة موت 15 ألف ضحية، غير الذين قتلهم، هو أو أعوانه، في افغانستان والشيشان، ثم بعد كل هذا يأتي من هم على شاكلة أحد الكتاب الدعاة، ويرسل رسائل «التوتر» التالية: «يفرح بقتله، أي ابن لادن، من انطلت عليه مؤامرات الأميركان أو من خالفه في العقيدة، ومن يظهر الإسلام ويبطن غيره، أما نحن فلا نفرح لقتل كافر لمسلم»! وفي رسالة أخرى يقول: «قد نختلف مع بعض أفكار ابن لادن! ولكن اسأل الله ان يغفر له، ويتقبله في الشهداء، أما الجهاد الشرعي فهو ماض إلى يوم الدين»!