التعامل مع الحصان النافق
تقول استراتيجيات الحرب إنك عندما تكتشف أن الحصان الذي تمتطيه قد نفق فعليك استبداله بآخر، ولكن في البيروقراطيات الحكومية يتم اتباع استراتيجيات مختلفة تماما مثل التفكير في شراء سوط أقوى، لعل ذلك يجدي، أو تغيير الفارس بآخر أكثر قوة أو تعيين لجنة لدراسة وضع الحصان النافق واقتراح البدائل، او تشكيل وفد لزيارة الدول الأخرى والاطلاع على تجاربهم في مجال التعامل مع الأحصنة النافقة، أو جعل الاشتراطات أكثر مرونة بحيث يتم قبول استخدام الحصان النافق بطرق مختلفة غير الحمل والجري والكر والفر، أو الاستعانة بمقاولين من خارج الحكومة أكثر دراية بطريقة التعامل مع الأحصنة النافقة، أو تسريج أكثر من حصان نافق لزيادة السرعة، أو عرض محفزات أو دورات تدريب مكثفة لزيادة أداء الحصان الميت، أو التفكير فيما إذا كانت هناك جدوى من الاستعانة بفارس ذي وزن أقل لرفع اداء الحصان النافق، أو الإعلان عن أن الحصان أصبح بغير حاجة لغذاء، وبالتالي حققت موازنة التغذية وفرا، واخيرا رفع مرتبة الحصان النافق إلى وظيفة إشرافية داخل المكتب، بسبب عجزه عن أداء أي عمل خارجه.
ولو أمعنا النظر في كل هذه البدائل والحلول، بالرغم من طابع السخرية فيها، لوجدنا أنها تنطبق كثيرا على نماذج لا تحصى داخل الهرم الحكومي في أية دولة وبدرجات متفاوتة، وهي تمثل حقا التفكير البيروقراطي الذي يعمل بمعزل عن مبادئ الربح والخسارة. ولو نظرنا لقضايا الاعسار، أو الافلاس، التي تعرض لها عدد من المواطنين منذ ما قبل التحرير وحتى الآن، وما جنته جهات معينة من اتعاب نتيجة الاشراف على حسابات هؤلاء وإدارة أملاكهم ومصالحهم لوجدنا أن المطمطة وتغيير البدائل وتجربة حلول جديدة لم تتوقف على مدى عقدين، مع شبه انعدام الرغبة في الوصول لنتائج حاسمة بشأن الكثير منها، لما يدره إبقاء الوضع على ما هو عليه لأطول فترة من فوائد على «القائمين والمشرفين» على ثروات هؤلاء المعسرين. فإبقاء ملفات هؤلاء مفتوحة كل هذه السنوات لا يزال يدر الخير على الكثير من المحامين والمحاسبين القانونيين وموظفي الجهاز الحكومي المعني بمثل هذه القضايا، ولا يضر غير أصحاب المصلحة، ومن الواضح أن لا أحد يود الاعتراف بان الحصان قد نفق وأن من الأفضل استبداله بآخر.