فاطمة توباز.. رائدة تركية
في آخر زيارة لتركيا لفت نظري أن أكبر عملاتها الورقية تحمل صورة امرأة، وهو الأمر غير المعتاد في دولنا النص خربانة.
أثار الأمر فضولي، وبالبحث تبين أنها لأول روائية تركية في التاريخ، وكاتبة العمود والناشطة في مجال حقوق المرأة والقضايا الإنسانية، فاطمه علي توباز.
ولدت فاطمة ضمن أسرة ميسورة ومتعلمة، فوالدها أحمد باشا كان مؤرخا معروفا وواليا على أكثر من مدينة تركية وعربية. كما كانت والدتها من وجيهات اسطنبول. وبسبب ظروف والدها فقد عاشت في أكثر من دولة وتعلمت الكثير ولكن في البيت وليس من خلال التعليم التقليدي، وأتقنت التحدث والكتابة بالعربية والفرنسية إضافة إلى التركية.
تزوجت بطريقة تقليدية وهي في السابعة عشرة وأنجبت 4 بنات، وكان زوجها محافظا وكان يمنعها من قراءة الكتب الأجنبية.
كتبت أول أعمالها الأدبية في 1889، وكان عبارة عن ترجمة متقنة الى التركية لرواية فرنسية للقاص georges ohnet، ووجدت انتشارا مقبولا. ومن ثم توالت بعدها أعمالها الأدبية مع آخرين أو بصورة منفردة، كما كتبت لسنوات باسم مستعار، وروايتها «أعمال مفيدة»، 1892 كانت الأولى التي حملت اسمها الصريح، وقد استمرت كتاباتها في التطور هادفة نصرة المرأة وتحررها واعطاءها الحق في اختيار الزوج والاعتماد على نفسها ماديا، وان يكون لها احترامها في المجتمع، وقد بلغت شهرتها عاليا مع كتابها «ميلاد كاتبة عثمانية انثى»، الذي احتوى مجموعة رسائل تتعلق بعشقها الأبدي للتعلم، والذي ترجم للغات عدة ونال اعجاب الكثيرين. كما لم تتوقف في السنوات 1864 حتى ما قبل وفاتها بقليل، عن كتابة عمودها الصحفي، الذي خصصته للدفاع عن حقوق المرأة. كما كان لفاطمة أنشطتها الإنسانية أثناء الحرب التركية اليونانية، واسست جمعيات لتقديم العون للمحتاجين واسر الجنود، ومنحها السلطان عبدالحميد وساما تقديرا لجهودها. كما أصبحت أول امرأة عضو في «الهلال الأحمر» العثماني.
وعندما اسس الزعيم التركي العظيم مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة اصدر في عام 1934 قراراً بضرورة أن يكون لكل تركي لقب، وهنا اختارت لقب «توباز» كاسم لعائلتها، وتوفيت فاطمة في 1936 بعد تدهور صحتها. وتقديرا لسيرتها وضعت الحكومة التركية صورتها على أكبر فئات عملتها النقدية.
تعتبر «زافر هانم»، أو السيدة ظافر، أول روائية تركية، إلا أنها لم تدخل التاريخ بتلك الصفة لأنها كتبت رواية واحدة فقط! والسؤال: أين رائدات النهضة بيننا، ولماذا لا نرى تكريما يليق بمكانة أي منهن؟