شكرا لك يا سيدتي
سيدتي، اعذري تقصيري في عدم التقاط اسمك، عندما أخبروني به، ونحن في ذلك المكان الصاخب، وشكرا لسماحك لي بتقبيل يدك امتنانا لما أدخلته من سرور على قلبي بقليل كلماتك!
عملت في مصرف، موظفا ومديرا وعضوا في مجلس الإدارة، قضيت غالبية الفترة في إقراض الشركات والأفراد، وكنت أجد أمارات الرضا، وأحيانا الامتنان، في عيون زبائني كلما التقيت بهم. مرت السنون وتركت البنك واتجهت للعمل الحر وهواية الكتابة الصحفية التي جرفتني إلى آفاق جديدة، وأصبحت أتلقى قدرا أكبر من الشتائم المبطنة والسباب العلني والتهجم الشخصي، ولكن آثارها كانت سرعان ما تختفي عند سماع كلمة جميلة من قارئ وتحية اجمل من قارئة، وكيف أن صباحهم لا يعني الكثير إن لم يبدأوه بقراءة المقال مع فنجان قهوة أو «سحبة نَفَس» سيجارة.. كلمات قليلة تقال بعيون تلمع محبة أصبحت تنسيني كل مشاعر التعب واليأس، وتزيد بمراحل عن كلمات الشكر التي كنت أتلقاها أثناء عملي المصرفي. فشكرا لك يا سيدتي على إدخال الفرح لقلبي في تلك الليلة ودفعي للاستمرار في الرقص دون تعب مع شريكة دربي، ضاربا عرض حائط ذلك البيت الجميل، بكل الآراء السلبية من حولي، وبكل ذلك التعصّب المذهبي الذي أعمى العيون، وبكل ذلك العنف في التعامل الذي نتج عن عمى القلوب، والذي دفعني مرات، بيني وبين نفسي، للتفكير في التوقف عن الكتابة بعد أن فشلت من التحذير من التطرف الديني والغلو في معاملة الآخر، وبعد أن ذهبت سدى دعواتي إلى التسامح، وبعد أن أصبح أكثر الناس تساهلا يلومني على انتقاداتي على الجمعيات الدينية وعلى نفاق بعض رجال الدين المتطرفين، وسرقات لجانهم الخيرية واحتيالهم في جمع الأموال، وان على الكتابة ونقد «جماعتي»! وكنت أقول لهم إنهم مخطئون، فلم أقصر مع أحد، وأن لا خطر كبيرا من هؤلاء في الوقت الحاضر، ولكنهم سيصبحون كذلك إن زاد الضغط والحصار عليهم، وعندما جاء هذا الوقت أصبح لهذا الفريق عجيب وغريب ثوابته بعد أن عجزنا عن رفض سخيف ثوابت من سبقه!
شكرا لك يا سيدتي على التفاتتك الجميلة في تلك الليلة، وما تسببت به، من غير أن تعلمي، في إصراري على الاستمرار في طريقي، ووقف قرار نقل القلم من كتف المقال إلى كتف الكتاب، ولو إلى حين.
ملاحظة: لا تقل لي ما هو معتقدك أو طائفتك، بل قل كيف تنظر إلي وتعاملني من خلالها!