الديموقراطية لا تكفي
أعلنت «جمعية مقومات حقوق الإنسان»، وهي جمعية غير مرخصة، أنها أعدت مشروع قانون لتأسيس هيئة مستقلة بحقوق الإنسان. وقال أحد مسؤوليها الملتزمين، إن بنود مشروع قانونهم تمت صياغتها وفق معايير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وانه سيقدم للبرلمان لإقراره انطلاقاً من رغبتهم في حماية حقوق الإنسان! ونحن هنا نعتقد أن هدفهم من المشروع السيطرة على «جمعية حقوق الإنسان» والتحكم بقضايا الإنسان من خلال منظورهم المتخلف وضمن أطر مقومات القرون الوسطى، فمن يقرأ ويتمعن في معايير وأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يجد أن ما ينادي به مسؤول «جمعية المقومات» يبدو مضحكا ومخيفا في الوقت نفسه. فبالرغم من كل ضربات «عودة الوعي» التي اصابت المنطقة اخيرا، فإن هؤلاء ما زالوا يعيشون، كما يبدو، في عالم آخر، ففكرهم مخالف لأهم بنود الإعلان العالمي، وخاصة تلك التي تتعلق بالحقوق السياسية والقول والمعتقد والمرأة، وإن نجحوا في تحييد هذه البنود، كما ينوون، فما الذي سيتبقى من الإعلان العالمي؟
ومن جهة اخرى، فإن مطالبات البعض بضرورة تطبيق الديموقراطية في دولنا، في خطوة لاحتواء الاضطرابات والاضرابات، قد لا تعني الكثير في نهاية الأمر إن لم يصاحب ذلك تقيد بكامل مبادئ الإعلان العالمي، فالديموقراطية بغيرها لا تعني الكثير، فسوء حال حقوق المرأة بشكل عام، في غالبية الدول العربية والإسلامية، عدا استثناء أو آخر، لا يعود الى افتقادها الديموقراطية فقط، بل الى عدم إيمانها المبدئي بحقوق الإنسان، وبالتالي فإن أي ديموقراطية ينص دستورها على حرية المعتقد، ولا تسمح مثلا لطائفة مسالمة كالبهرة بإنشاء مسجد لهم، ليست بديموقراطية حقيقية! وما يقال من أن البرلمان، أو مجلس الشعب، سيد قراراته لا يعني شيئا، فقرارات المجلس إن خالفت مبادئ حقوق الإنسان لا تعني شيئا!