حضن الإخوان الدافئ
في ذروة التعايش السياسي بين الملك الأردني الراحل حسين والإخوان المسلمين، عرض عليهم تسلّم وزارات مهمة عدة، لتهدئة الشارع الذي كان يغلي، ولم تكن بينها وزارة التعليم. رفض الإخوان العرض، وأصروا على حقيبة التعليم، لعلمهم بخطورتها على فكر الناشئة!
ما أصبحنا نراه يحدث اليوم في مختلف مدارس الكويت من استعراض لقوة الإخوان، وتواجدهم في كل مفاصل وزارة التربية، دع عنك بقية مفاصل الدولة، هو عنوان المرحلة، وسندفع ثمن ذلك غالياً مستقبلاً!
* * *
ليس في أدبيات وفكر الإخوان المسلمين أي إشارة إلى الروح الوطنية والولاء للوطن، أو أن الدفاع عنه جزء من عقيدة المواطن، وهذا الإغفال متعمّد، فالمطلوب أن يكون الفرد غير مرتبط بأي ولاء وطني، لكي يسهل غرس الولاء للجماعة ولتنظيمها في عقله، من دون مشاركة لأي ولاء آخر. كما أن إغفال زرع الروح الوطنية في الناشئة يجعل من السهل توجيههم حتى لمعاداة وطنهم، كما حدث من خيانة بعض الإخوان لوطنهم خلال فترة الاحتلال الصدامي، لأن ولاء هؤلاء كان ولا يزال لمرشد الجماعة، بصرف النظر عن صحته، أو مدى تطابقه مع مصلحة الوطن.
* * *
في كتاب «تجربتي»، للنائب والوزير السابق أحمد عبدالمحسن المليفي، يورد فقرات في غاية الأهمية والخطورة، حيث يقول:
ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، عندما تم انتخاب مجموعة من الإخوان في مجلس الأمة، منهم مبارك الدويلة وعيسى الشاهين وإسماعيل الشطي وناصر الصانع. وكانت الحملة الانتخابية لهم على حساب الجماعة، من دون أي تكلفة مادية على المرشح. لكن الذي حدث أن المرشحين بعد أن نجحوا وأصبحوا أعضاء في البرلمان، افتتحوا أعمالهم التجارية، وبدأوا في التعامل مع الحكومة وغيرها، وبدأ الشيوخ والتجّار يتواجدون في دواوينهم، وبدأ الثراء يظهر عليهم.
وفي صفحة 57 يورد: في انتخابات 1985 كان مرشح الإخوان في الدائرة الثامنة الدكتور عبدالله النفيسي، وقد اعترضت على اختياره، فأنا شخصياً لا أرتاح له ولممارساته، واعتقد أنه يخدم أجندة خاصة، فقد دخل مع كل التوجهات السياسية الليبرالية والدينية، ويجمع منها المعلومات، فإن كان ذلك لتخصصه، فهذا يعني أنه شخص لا يلتزم بمبدأ، ومن دون شك فإن هذه المعلومات، التي ينشر الكثير منها، تستفيد منها أطراف أخرى محلية وأجنبية. فقد أشار في إحدى مقابلاته إلى أن المشرف على رسالته في الدكتوراه هو أحد رجال المخابرات البريطانية، وهو الذي نصحه بموضوع الرسالة عن الشيعة في العراق، لكن مع هذا تم دعمه!
ويورد في الصفحة 37: تربية جماعة الإخوان للشباب لا تقوم على الجانب الفكري والعقائدي فقط، بل كذلك على الجانب العسكري، تحت مسمى «النشاط الكشفي»، من خلال مخيمات لها طابع عسكري، تتضمن الشدة والضبط والربط والخشونة، تصاحبها الأناشيد الحماسية، التي تلهب العواطف وتثير المشاعر، ولا يبقى سوى الانتقال إلى المرحلة الأخيرة، وهي حمل السلاح وقتال الكفار!
كنا عندما نعود من هذه المخيمات على درجة عالية من الحماس، وعلى استعداد لعمل أي شيء يطلب منا، فقد كنا نردد في المخيم: «ترى إحنا يا قائدنا أرواحنا بأيدينا ننتظر موعدنا وغالية الجنة علينا»!
لذلك، فإن الجماعات المتطرفة خرجت من تحت عباءة الإخوان، بالرغم من تصريحهم بخلاف ذلك، لكن ذلك ليس بالصحيح، ففي مرحلة مبكرة تسللوا للتربية، بعد أن سيطروا على منابر المساجد ثم وسائل إعلام ومنابر جمعيات عدة، وسيأتي وقت يتحكمون فيه بالقوة الخشنة في الدولة، وهذا ليس بالبعيد!
* * *
لقد حذرنا مراراً وتكراراً من خطر الإخوان، لكن يبدو أن المعنيين بالأمر راضون عنهم.
أحمد الصراف