«مال عمك ما يهمك»

الجميع يعلم أن نظام الجمعيات التعاونية نظام خرب وفاسد، ولا رجاء في إصلاحه، بالرغم من جهود الكثير من المخلصين في مجالس إدارات بعضها، أما غالبيتها فقد وُلدت فاسدة منذ يومها الأول، وبقيت كما أُريد لها أن تكون، وكانت أحياناً جسراً للوصول لكرسي الأمة الأخضر، كمشرعين! ولو عاد للحياة الرعيل الأول الذين كانوا وراء فكرة تأسيس «الجمعيات التعاونية»، لبكوا من سوء وضعها الحالي، فقد كانت يوماً فكرة جميلة. لكن كما خربت أمور كثيرة في الدولة، فإن أغلب الجمعيات تبعتها في الحرمنة، مع غياب القوانين، وغياب الرغبة «الحكومية» في معاقبة من أساء الأمانة فيها، والاكتفاء غالباً بحل مجلس إدارة الجمعية، والدعوة لانتخاب مجلس جديد، ليعود أشقاء أو أقارب من سرق الجمعية نفسها لمجلس إدارتها، ليتكرر فعل السلب والنهب ذاته، لتقوم الوزارة بإقالة المجلس وتعيين آخر مؤقت، والدعوة لانتخابات جديدة، ليتكرر الأمر!

مشكلة الجمعيات تكمن في بضع حقائق:

1 - أن مجالس إدارات هذه الجمعيات لا يعرف غالبيتهم، إن لم يكن كلهم، شيئاً عن كيفية إدارة سوق مركزي، دع عنك بقية الأمور. ومع هذا يصرون على تولي أمر كل شيء، ورفض «تلزيم» إدارة السوق مثلاً لجهة محترفة، ربما لأن في ذلك قضاء على فرصة الإثراء.

2 - أعضاء مجالس إدارات الجمعيات، بعكس أعضاء مجالس إدارات الشركات المساهمة، لا يشترط تملكهم لعدد مؤثر من أسهم الجمعية، وقد لا تزيد أحياناً «ملكية عضو مجلس الإدارة على مئة دينار، ويصبح رئيساً لمجلس إدارتها، فيعيث فيها فساداً كما يشاء.

3 - الشكوى من غلاء أسعار الكثير من المواد في الجمعية، مقارنة بما يباع خارجها، وللسلعة نفسها تماماً، ويستغربون من حدوث ذلك بالرغم من أن أرض الجمعية ومبانيها مجانية، وهبة من الدولة. كما لا يُسمح للجمعية بإضافة نسبة تزيد على %10 أو %15 على ثمن أي سلعة، فكيف تكون أسعارها، بعد ذلك، أعلى من غيرها؟!

سبب هذا الغلاء يعود إلى أن جميع الجمعيات التعاونية تطلب من التاجر بضائع مجانية، خاصة عند إدخال بضاعة جديدة. كما تطالب بعضها برشوة نقدية لقبول بضاعتها. كما تتأخر الجمعيات، دون استثناء تقريباً، في سداد مستحقات التاجر لأشهر عدة، فيضطر المورد أو التاجر، لكل هذه الأسباب وغيرها، لرفع أسعار المواد التي يوردها للجمعية، مقارنة بأسعار منافسيهم في السوق، لأنها غالباً ليست فاسدة. هذا، غير سوء التخزين في الجمعيات، وزيادة المواد التالفة، غياب روحية «صاحب الملك»، وضخامة أعداد الموجودين على بند الرواتب.

الخلاصة أن نظام الجمعيات التعاونية الحالي نظام ليس فاسداً فقط، بل أيضاً خالق للفساد، مشجع عليه، وربما لم تفلت جمعية تعاونية واحدة من هذا الفخ، على مدى سبعين عاماً!

لقد آن أوان التفكير الجدي في وضع حدٍّ للتسيب المنتشر بين أغلب الجمعيات التعاونية، وربما إيجاد حل نهائي لوضعها القانوني المربك والمشجع على الفساد.

ملاحظة:

أتمنى أن تصلك رسالتي، فسبق أن أخبرتني أنك تقرأ مقالاتي.

يا سمو ولي العهد؛ لقد استولوا تقريباً على كل شيء، فالرجاء ألا تترك لهم أمر السيطرة على الطب وتخريب التعليم، فلم يتبقَ من الكويت الجميلة إلا…. القليل!

أحمد الصراف

الارشيف

Back to Top