يضحك كثيراً.. من يضحك أخيراً!
من حق الإنسان التصرف بماله، طالما أنه مدرك للثمن الذي سيدفعه إن تهوّر في تصرفه، فإن كان سفيهاً فسيتم الحجر عليه. ومن حق الإنسان التصرف بصحته، بالطريقة التي يشتهيها، طالما كان مدركاً لتبعات فعله، وما سيجلبه من أسقام، خاصة عندما يبلغ.. أرذل العمر. وعادة ما يضحك كثيراً وكثيراً جداً من يضحك أخيراً.
* * *
استعرضت، خلال لحظات طالت قليلاً، أسماء مجموعة كبيرة من رؤساء ومشاهير وطغاة ونصابين كبار من الذين عرفتهم الكويت، والعالم، وتخيلت، بمشاعر مختلطة، المصير الذي انتهوا أو سينتهون له، طال الزمن أم قصر، وعرفت بالتالي أحد معاني عنوان مقال اليوم، خاصة بعد أن قرأت خبر سقوط، من سبق أن اشتهرت بألاعيبها، واقتدائها بوالدها، في شر أعمالها، بعد سنوات من انتحال مختلف الصفات غير الحقيقية، ولا القانونية.
عندما توفي قبل فترة قصيرة الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، بطل تحرير الكويت، حضر جنازته خمسة رؤساء أميركيين حاليين وسابقين، ترامب، أوباما، بوش الابن، كلينتون وكارتر، وقارنت نهايته بعد أن بلغ الرابعة والتسعين من العمر، بنهاية طغاة، من أمثال صدام والقذافي، وتعجبت من غبائهم، ومن سخفهم لأنهم لم يأخذوا عبرة من أبسط دروس الحياة، وكيف أن لا السلطة ولا الجاه ولا الشهرة ولا المجد ولا القوة البدنية، ولا أي شيء من هذه الماديات، يمكن أن تعطينا راحة البال، والاستغراق في نوم عميق ولذيذ متى ما وضعنا رؤوسنا على الوسادة في نهاية اليوم، وأن ننهي حياتنا بسلام ونحن منسجمون تماماً مع أنفسنا!
اجترار ذكريات الحكم والجاه والغنى والصحة والقوة والسلطة، مهما طال أمدها، لا يمكنه أن يعوض الإنسان متى ما رأى نفسه ضمن أسوار سجن أو بين جدران بيت لا يستطيع مغادرته، أو هارباً متخفياً خائفاً حتى من ظله، شاكاً حتى في أهله!
ما الذي جناه الطغاة من البطش بشعوبهم وقتل كل ذلك العدد من الأبرياء؟ هل يا ترى سيختارون تكرار سيرتهم لو عادوا للحياة؟
سيبتسم ساخراً، بعض من سيقرأ هذا الكلام، وسيرد بسخرية بأن ما عليه إلا الحصول على المليارات، بأية طريقة كانت، وسيرينا كيف سيسعد بها، أو كيف يمكنه أن يجعل السلطة مصدر متعة، لكن أثبتت تجارب الحياة أن هذا ليس إلا «وهم»، فكل ما يأتي بطريقة غير سليمة لا يستمر في الغالب، وسيودي بصاحبه إلى التعاسة، فما الضمان أنه سيكون من القلة التي ستنفذ من «ثقب الإبرة»؟
فلو اطلعنا على شهادات ومذكرات واعترافات ومصير وأخبار من بطشوا وسرقوا وقتلوا واختلسوا ونصبوا، وحطموا حياة الكثيرين بالمخدرات وغيرها، لعلمنا أن قلة فقط تمتعت أو سعدت بأفعالها، وقلة فقط تود أن تصدّق هذا الكلام.. وأن تتعظ؟
أحمد الصراف