الداعية الذي لم يحاسبه أو يوقفه أحد
يدعي ممثلو الإخوان، وعصاعصهم في الكويت، بأن قضية فلسطين هي قضيتهم!
لو لم تكن حماس من الإخوان، لما أبدوا نصف هذا التعاطف مع القضية.
* * *
غرد أحد كبار أثرياء الإخوان في الكويت، وصاحب مشاريع تجارية كبيرة، وغالباً بسبب انتمائه للإخوان، وربما عن طريق استثمار فوائض أموالهم، غرد موجهاً اللوم لأنظمة عربية، لمواقفها من الحق الفلسطيني، وأن الحق لن يعود إلا «بزوال هذه الأنظمة العربية»، فهي سبب ضياع فلسطين!!
* * *
لست في معرض الدفاع عن الأنظمة العربية، بل معني بالدفاع عن نظام وطني، فهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيه هذا الإخواني له، وبدرجة عالية من الوقاحة، متناسياً أن أمننا الوطني تعرض لخطر محقق إبان أحداث الربيع العربي، التي كان وراءها الإخوان، وهو الأمر الذي سبق أن أشار وانتبه له الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وقضى على... المحاولة، فقط.
* * *
ماذا فعل الأخ أو فعل تنظيم الإخوان الدولي لفلسطين، على مدى 75 عاماً؟ ما المشاريع الحضارية أو التعليمية أو الثقافية التي أقاموها، على الأقل في غزة، غير الخطابة والمطالبة بالوقوف مع القضية؟
وما الذي يهدف له هذا الداعية من وراء تغريداته، وهجومه البذيء على أنظمة عربية، ومطالبة شعوبها بأن «تقتلع» حكامها؟!
لقد سبق هذا الداعية نفسه أن أدلى بتصريحات خطيرة جداً خلال أحداث الربيع العربي، واعترف، في رسالة له موجهة لـ«علماء السلاطين»، الذين يطالبون البشر بطاعة «ولي الأمر»، بأنه ليست لديه طاعة لولي الأمر! وطالب الشعوب بأن تكافح وتناضل وتبذل الدم، وبكل الوسائل للوصول لحقوقهم.
وقال إنه لم يدعُ يوماً لمقاومة نظام القذافي سلماً، بل طالب بمواجهته بالسلاح، وأن أول مجموعة خرجت للتصدي له كان يعرف أسماء المشتركين فيها، وأنهم من الشباب الذين قام بتدريبهم.
ثم تمر السنوات وتتغير نغمة الداعية نفسه، بعد فشل «ثورات» أو «ثوارة» الربيع العربي وخراب الدول، ليكتشف حجم الدمار الذي تسبب به وتنظيمه الدولي، فعاد وصرح بأن تلك «الثورات» حدثت، ولم يكن له دور في صنعها، ولا في دعمها، لا مالياً ولا سلاحاً، ولم يتدخل في الأمر إطلاقاً، وأنها تسببت في الخراب والدمار ومصائب آذت شعوب تلك الدول!
هؤلاء لا يستحون من الكذب، وتصريحاتهم على اليوتيوب خير شاهد على كذبهم! لكن اللوم على من سكت عنهم من المختصين والمسؤولين، ولا يزال!
* * *
من الأمور التي تحير البعض، حجم الثراء، أو رغد الحياة الذي يعيشه الدعاة كافة، دون استثناء تقريباً، ومظاهر النعمة التي تبدو عليهم، ملبساً ومسكناً وسفراً واستثماراً في الخارج، وربما كل ذلك من حصتهم مما يقومون بجمعه. فتجدهم في الفيديوهات يركبون الخيل المطهمة، ويسرحون في المزارع الشاسعة في تركيا والبوسنة وكوسوفو وغيرها، ولم تتبرع أي جهة لسؤالهم «من أين لكم هذا؟» وجميعهم تقريباً كانت بدايات حياتهم متواضعة جداً، ولم يعرف عنهم العمل في تجارة أو تعامل في عقار، غير استخدام العصي لإخراج الجن من الأجساد، فكيف أصبحوا بهذا الثراء العظيم؟!
كما أن المحاكم في الكويت سبق أن أصدرت أحكاماً بحق بعض من جمعوا الأموال لمساندة ثورات واضطرابات الربيع العربي، وطالبتهم بإعادة ما استولوا عليه من أموال التبرعات!!
كما أصبحنا نرى، وبوتيرة متسارعة، زيادة كبيرة في أنشطة جمع التبرعات، كلما حلت بنا مصيبة أو مأساة. ويقتات الطفيليون منهم على فتات الموائد، ويعلنون عن قبول تبرعات لحفر آبار وتوظيف دعاة، والوزارة المعنية فاغرة فاها لا تعرف كيف تتصرف إزاء هؤلاء المحتالين!!
إنها بحق ملهاة مبكية ومضحكة، في الوقت نفسه!!
أحمد الصراف