مشاهدات عبدالعزيز
عاد عبدالعزيز لوطنه بعد غربة دراسة وعمل طويلة، ولاحظ، عندما ذهب إلى صلاة الجمعة مدى انتشار التدين بين أهالي منطقته، وأن الأمر كان جديدا بالنسبة إليه. وقال انه فوجئ عند خروجه بكم مخالفات المصلين لأنظمة المرور، وكيف فشلنا في التوفيق بين كسب الأجر واحترام مصالح الغير، وانه تعوذ من الشيطان واعتقد انها ظاهرة مؤقتة، ولكن مع الوقت وجد أن كم المخالفات والسرقات مخيف ضمن شعب صغير ومرفه، وأن الفساد منتشر، كانتشار التدين، ويشمل كل نشاط ومرفق، فكل يوم خبر عن غش تجاري وأطعمة فاسدة وبيع مواد مسرطنة وتهريب مشروبات وبيع مخدرات وضحاياها بالعشرات وحوادث مرور، وانتحار خدم وبشر يقفزون من النوافذ وموت واعتداءات بالجملة على محرري مخالفات المرور وتورط أحداث في جرائم مخيفة، وزيادة الاعتداء على موظفي الدولة والعسكريين، وحوادث هجوم بالسكاكين والعجرات في «المولات» وعلى المخافر، وتوسط نواب لمغتصبي أطفال وغير ذلك الكثير. وقال انه شعر بأنه رجع للوطن الخطأ في الوقت الخطأ، فليس هذا هو المجتمع الذي سبق أن غادره قبل أقل من ربع قرن، فهو لا يستطيع أن يتصور، بتعليمه الغربي وخبرته الاستثمارية، أن حكومة وشعبا يمكن أن يتقاعسا، رغم كل مظاهر التدين، عن دفع وتحصيل مئات ملايين الدنانير من ديون استهلاك الكهرباء، ووجود آلاف الموظفين في كل وزارة بالتكليف، وأن البلدية أزالت 17 ألف ديوانية مخالفة، يرتادها مئات الألوف كل سنة، ويصلون فيها وهم يعلمون بمخالفتها، وأن هناك عشرات آلاف الأحكام غير المنفذة، وأن وأن... وقال انه يفكر جديا في العودة والعيش في المدينة الغربية الكبيرة التي تخرج في جامعتها وعمل فيها لسنوات، فهي بالرغم من كل مشاكلها لم تدع يوما أنها متدينة ولم تفتخر بعدد ابراج كنائسها، ولا بدقات أجراسها، وأن إيمانه الديني، الذي كان قويا في الخارج، قد بدأ بالتضعضع وهو في الداخل، وسألني إن كان هناك أمل، فقلت له: نعم، ولكن ليس قبل ان ينتهي بطرنا الناتج عن ثرائنا النقدي الفاحش!