النفيسي.. ودراسة الدراما في فكتوريا
يميل السياسي السابق عبدالله النفيسي للبقاء في دائرة الضوء، أو limelight كما يحب أن يطعِّم مقابلاته بتعابير إنكليزية، حتى لو كان ذلك الميل على حساب «مكانته»، وعلى حساب المنطق والمصداقية، وكان آخر تلك المحاولات تغريدة أثارت استغراب الكثير، وشفقتهم، ونصها:
«صار مطعم (....) الهندي الشهير في الكويت لا يتردد في رش السم القاتل على الطعام المقدم لمن ينتقد رئيس الوزراء الهندي (مودي) وموقفه المؤيد لـ(إسرائيل) في حرب غزة. هل يخضع ذلك المطعم أو يدار بتوجيهات أمنية خارجية؟».
* * *
رددت عليه بتغريدة طالبته الكشف عن اسم المطعم، لكي يمكن إنقاذ أرواح من سيصادف تناولهم الطعام فيه، علما بأن الاتهام طال كل المطاعم الهندية، الشهيرة، ولا أدري كيف عرف النفيسي بوجود مثل هذا المطعم؟ وكم عدد من «لقوا حتفهم»، أو تسمموا من جراء تناولهم الطعام فيه، وكل ذنبهم أنهم يعادون مودي؟ ولماذا اكتفى بالحديث عن الموضوع، ولم يقل إنه قام بإبلاغ السلطات الأمنية باسم المطعم، لوقف مسلسل القتل؟
كيف لعاقل أن يصدق بوجود مثل هذا المطعم، وكيف لأصحابه «المتطرفين» معرفة الضيف المعادي لرئيس وزرائهم، فهل يقوم المطعم بالطلب من زبائنه تعبئة نموذج استبيان مثلا، يتضمن أسئلة عن توجهاتهم السياسية؟ من يصدق أن عمال ذلك المطعم المجهول، شاركوا، بكل رحابة صدر، في «جريمة» القتل، برش السم على طعام ضيوف المطعم، دون خوف من المسؤولية؟
ما كان يفترض بالسيد النفيسي إرسال مثل تلك التغريدة، التي افتقدت للمصداقية. فما أعرفه شخصيا، على مدى 75 عاما على الأقل، أن الجالية الهندية في الكويت، هي الأقل تورطا في أي أعمال مخالفة، بالرغم من عددها الذي تجاوز المليون. وما كان من اللائق نشر مثل هذه الإشاعات المغرضة بحقها.
* * *
تزامن إرسال التغريدة مع استلامي لجزء من مقابلة الاعلامي عمار تقي مع السيد عبدالله النفيسي، حيث يقول فيها الأخير إنه سبق لـ(إسرائيل) أن وضعت «خطة» لاحتلال الدول الخليجية، من الكويت إلى عُمان، وإنه يعرف عن الخطة. وطلب النفيسي من تقي أن يقوم بزيارة الكونغرس، ومكتبتها بالذات، ويذهب للطابق الثالث، ويطلب مقابلة المسيو جورج عطية، لأن اللبنانيين يحبون التحدث بالفرنسية، ويطلب منه نسخة من الخطة الـ(إسرائيلية)!!
لشعوري باستحالة وجود مثل هذه الخطة، ولا أنكر أطماع (إسرائيل)، وشكي بأن القصة من وحي خيال المتحدث، فكيف تضع (إسرائيل) خطة بتلك الخطورة، ويفترض أنها سرية، وتودعها في عند المسيو عطية، في مكتبة الكونغرس!! هذا كلام لا يتسق مع المنطق.
شكي، كالعادة، في إدعاءات النفيسي دفعني للبحث، فتبين لي عدم وجود المسيو عطية في مكتبة الكونغرس. ولا وجود لخطة (إسرائيلية) لاحتلال دول الخليج النفطية، بل وجدت فقط نص «دراسة» عمرها نصف قرن، قام الكونغرس بإعدادها، في الفترة التي قطعت فيها دول الخليج البترول عن الغرب، وتم حفظ الدراسة في الأرشيف مع غيرها من الدراسات!
أحمد الصراف