أين اختفت ضمائرنا؟

مرت حادثة الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة في العراق من قبل إرهابيين متطرفين من القاعدة مرور الكرام على الغالبية منا ولم يتم ذرف دمعة عليها، فتاريخنا المملوء بدم الآخرين، لم يترك لنا المجال للتوقف أمام هذه الحادثة أو غيرها بعد أن سبقتها المئات من الأحداث المأساوية التي جعلت من قلوبنا صخورا صوانية صعبة العراك، وليس من شيء أدل على ذلك مما يحصل في باكستان بين الشهر والآخر من اعتداء مسلمين شيعة على مساجد السنة والعكس، والقتل جارٍ على قدم وساق داخل ما يعتبره البعض «بيوت الله» ويعتبرها الطرف الآخر مجرد مسالخ لسفك دماء المئات من أخوته في الوطن والدين.
يقول المطران جورج خضر، في مقال له في النهار تعليقا على حادثة سيدة النجاة، ان المسلمين يؤمنون بأنهم خير أمّة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولكنهم لم يحركوا ساكنا أمام جريمة قتل مصلّين، نساء واطفالا ورجالا أبرياء، في العراق (ومصر ولبنان والسودان وأندونيسيا والفلبين وتايلند وغيرها). وقال انه لا يستطيع تصديق ان مليار مسلم لا يستطيعون وضع حدٍّ لهؤلاء القتلة، فخطب الجمعة «النادرة» التي القيت ضد هؤلاء المجرمين الذابحين للمصلين الطاهرين لا تكفيه. واضاف أن المسلمين متماسكون لا يقبلون الضيم، غير انها أمة ظالمة لنفسها وقابلة لتشويه صورتها ان قبلت سلطان هؤلاء المجرمين على سمعتها، ولا يعقل أنهم، في عصر الأقمار الصناعية، لم يسمعوا بالجريمة! وتابع: إن صمتهم يعني ضلوعهم في الجريمة! والسؤال هو من له مصلحة بإبادة الذين كانوا يصلّون في كنيسة سيدة النجاة؟ من يستفيد من قتل هؤلاء الشهداء؟
وتتساءل البريطانية العراقية الأصل منى الصديقي (بي بي سي 16/11) وهي تشاهد أحداث الكنيسة على التلفزيون، بأنها لا تعرف ما كان سيكون عليه شعورها لو عاشت في وطن مقسم وممزق بحروبه الطائفية والدينية، فهي لم تعتد أن يأتي شخص ويطرق باب بيتها ويقتل أهلها ويستولي عليه، ويدفعها للفرار لأرض أخرى والبدء من جديد ضمن محيط غريب ووجوه غير معروفة وأصوات غير مألوفة، ولكن هذا بالضبط ما يحدث لمسيحيي العراق!
أسئلة المطران جورج وتساؤلات الصديقي، وعشرات غيرهما من القلة المسلمة ومن مسيحيين آخرين، ستبقى دون جواب، فقد فقدنا بوصلتنا الأخلاقية بعد أن رضينا بأن يتحكم شرذمة من المجرمين والقتلة بضمائرنا قبل مصائرنا، وبعد أن اصبح لدينا برلمانيون على استعداد للدفاع عنهم، وربما توفير الحماية والمال لهم، إن احتاجوا الى ذلك!

الارشيف

Back to Top